الحق وأعطى الحق إلى أن قال من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم » نعم يكفيه التفقه ولو بالتقليد ، ومنه يعلم عدم المعارضة بين ما دل على وجوب طلب العلم وبين ما دل على طلب الرزق والأمر بالسعي في أسبابه ، ضرورة إمكان الجمع بينهما على أن التوكل الخالص والانقطاع التام إلى الله عز وجل من أعظم أسباب الرزق (١) « فان ( مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) » كما لا يخفى على من جرب ذلك وتنبه لنسمات روح الرأفة والرحمة والكرم والإحسان ، ولو فرض تعارض طلب العلم الواجب عينا ، وطلب الرزق كذلك لم يبعد تقديم الثاني مع فرض توقف الحياة عليه ، وعلى كل حال فالمراد بالتفقه المستحب إحراز المعرفة قبل الشروع ، مخافة عدم التنبه لكثير مما يعتبر فيه على وجه يقتضي فساده ، فتندرج في أكل المال بالباطل لا مطلقا ، ضرورة وجوبها بحكم الشرع في كل فعل وترك فان طلب العلم فريضة على كل مسلم (٢) نعم لا يعتبر في الشروع في أسباب المعاملة سبق العلم بالصحة والفساد ، بخلافه في العبادة المعتبر فيها نية القربة ، فله حينئذ إيقاع المعاملة مثلا ثم السؤال عن صحتها وفسادها ثم ترتيب الآثار على ذلك ، فلو رتبها قبل ذلك بأن أكل المال أو وطئ الجارية مثلا كان آثما ، وإن أصاب الواقع كما هو واضح.
ومنها ان يسوي البائع بين المبتاعين في الإنصاف بالنسبة إلى الثمن وحسن المبيع وغيرهما ، للخبر (٣) الموافق للاعتبار خصوصا مع التفويض إليه الذي هو نوع ائتمان له ، نعم قد يقال : أنه لا بأس
__________________
(١) سورة الطلاق الآية ٢.
(٢) البحار ج ٢ ص ٣٢ الطبع الحديث.
(٣) الوسائل الباب ١١ من أبواب آداب التجارة الحديث.