وكيف كان فقد عرفت أن المدار على العرف ، فلو التقم الصبي الثدي ثم لفظه وعاود فان كان أعرض أولا عن الرضاع لعدم إرادته فهي رضعة ، وإن كان لا بينة الاعراض كالتنفس أو الالتفات إلى ملاعب بضم الميم أو فتحها أو الانتقال من ثدي إلى آخر أو غير ذلك مما يكون قرينة على عدم إكمال الأولى كان الكل رضعة واحدة عرفا حينئذ ، نعم قد يقال بتحقق الرضعة في الأول عرفا بمجرد الاعراض مع عدم قرينة تدل على النقصان على إشكال.
ولو منع بأن قطعته المرضعة مثلا قبل استكماله الرضعة لم يعتبر في العدد قطعا ، لما عرفت خلافا للمحكي عن الشافعية من الوجه في تعدد الرضعات بتعدد قطع المرضعة نظرا إلى أنه لو حلف « لا أكلت اليوم إلا أكلة واحدة » فاستدام الأكل من أول النهار الى آخره لم يحنث وإن أكل وقطع قطعا بينا ثم عاد إليه حنث ، وفيه أنه كفى بالعرف فارقا بين المقامين ، وحينئذ لم تحتسب الرضعة الناقصة في العدد وإن لفقت برضعة ناقصة اخرى ، بل يخرجان معا عن الاعتداد بهما في العدد.
وعلى كل حال فقد عرفت أيضا أنه لا بد في العدد من توالي الرضعات بمعنى أن المرأة الواحدة تنفرد بإكمالها من غير تحقق رضاع اخرى فلو رضع من واحدة بعض العدد ثم رضع من اخرى بطل حكم الأول وإن أكملته بعد ذلك.
وكذا لو تناوب عليه عدة نساء لم تنشر الحرمة وإن كن لرجل واحد ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة ولاء وحينئذ ف لا يصير صاحب اللبن بذلك مع اختلاف المرضعات أبا ولا أبوه جدا ولا المرضعة أما لانتفاء الشرط وهو التوالي فتنتفي الحرمة حينئذ بانتفائه بلا خلاف أجده فيه بيننا ، بل في محكي الخلاف والغنية والتذكرة الإجماع عليه ، وهو الحجة مضافا الى موثق زياد بن سوقة (١) المتقدم سابقا والى ما عرفت من أن الأصل الإنبات والباقيان
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١.