اللهم إلا أن يقال : إن الموضوع في الصحيحين المزبورين المعتق سريته وحاصلهما أنه لا عدة عليه إذا أراد تزويجها ، لأن الماء ماؤه ، فهو كمن عقد على حرة في عدتها منه ، بخلاف الأجنبي فإن عليه العدة ، لكونه وطئا محترما ، والفرض أنها حرة ، فلا استبراء بالنسبة إليه ، فإن المقام ليس مقامه ، بخلاف الموضوع في المسألة الاولى ، وهي الأمة المبتاعة الموطوءة لسيدها ، فإنه كان عليه استبراؤها قبل أن يعتقها إذا أراد وطءها ، فبعد العتق لم يسقط ذلك الاستبراء ، لكون الوطء فيه معلوما ، فيبقى الخطاب به بحاله ، بل لا يبعد ذلك لو أراد الغير تزوجها ، فإنه لا فرق بينه وبين المبتاع الذي حصل العتق منه بعد أن علم من الشارع يقين براءة رحمها بالحيضة الذي لا فرق فيه بين نكاح المعتق ونكاح غيره بالنسبة الى ذلك.
لكن المتجه على هذا التقدير جعل موضوع المسألة في الثانية الأمة الموطوءة للسيد فأعتقها ، فإنه إذا أراد هو نكاحها لا عدة عليه ، بخلاف الغير ، كما هو مضمون الصحيحين ، وموضوع الأولى الأمة المشتراة التي علم وطء سيدها لها فأعتقها ثم أراد هو أو غيره نكاحها فيجزؤهما الاستبراء بحيضة لما عرفت ، ولكن مع ذلك فالمسألة بعد لا تخلو من إشكال ، وطريق الاحتياط فيها غير خفي.
كما أن ما في المسالك (١) عن بعضهم بعد أن ذكر سقوط الاستبراء بالإعتاق لو أراد المعتق نكاحها مع احتمال الوطء وإلحاق بعضهم تزويج المولى للأمة المبتاعة بالعتق في سقوط الاستبراء لأنه لا يجب على الزوج استبراؤها ما لم يعلم سبق وطء محترم في ذلك الطهر ، وذلك لأن الاستبراء تابع الانتقال الملك ، وهو منتف هنا قال تبعا لما احتمله في جامع المقاصد : « وعلى هذا فيمكن أن يجعل ذلك وسيلة إلى سقوط الاستبراء عن المولى أيضا بأن يزوجها من غيره ثم يطلقها الزوج قبل الدخول ، فيسقط الاستبراء بالتزويج والعدة بالطلاق قبل المسيس وإن وجد ما يظن كونه علة الاستبراء ، وهو اعتبار براءة الرحم من ماء السابق ، فإن العلة مستنبطة
__________________
(١) في العبارة تشويش إذ لم يذكر خبر « أن » فان قوله : « ما في المسالك. » اسمه وخبره اما محذوف أو قوله فيما يأتي : « وفيه إمكان الفرق » فيكون الواو هناك زائدا.