المعارضة من وجوه.
وآية المحادة (١) ـ بعد منع كون التزويج موادة ، فإنه ربما كان للحاجة دون المحبة ، وآية ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) (٢) محمولة على الغالب ، لتحقق النشوز والشقاق المنافيين للمودة قطعا ـ ظاهرة في أن المراد موادة المحاد من حيث المحادة ، لتعليقها على الوصف الظاهر في العلية ، إذ الموادة لا من تلك الجهة لا تكون داخلة تحت الاختيار ، فلا يتوجه النهي إليها ، ولا يصح الحمل على اللوازم ، لجواز صلة المحاد ، لقوله تعالى (٣) ( وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤) : « لكل كبد حرى أجر » ولا ريب في تحريم الموادة من حيث المحادة ، بل منافاتها للايمان ، فإنه ومحبة الكفر مما لا يجتمعان ، وحينئذ فالاية محمولة على ظاهرها ، ولا حاجة فيها إلى تأويل قوله تعالى ( لا تَجِدُ ) بما قيل من أن المعنى لا ينبغي أن تجدوا ، فإنه انما يحتاج إلى ذلك لو أريد بالموادة مطلق المحبة ، وقد عرفت فساده ، بل لعل الغرض من هذا الحكم نفي الايمان عن الذين كانوا يدعون الايمان ويضمرون الموادة للكفار المعلنين بالكفر ، وهم المنافقون الذين كان يعرفهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلحن القول وإشارات الوحي ، وإنما ترك التصريح ، لأن الكناية أوفق بالبلاغة وادعى إلى الرجوع إلى الحق ، ولما في التصريح من خشية تظاهرهم بالأمر ولحوقهم بالكفار الداعي إلى تقوية الكفر وضعف الإسلام لكثرة المنافقين في عصره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا ريب في نقضه للغرض.
أما آية الاستواء (٥) فهي أجنبية عما نحن فيه ، على أنها هي وغيرها من
__________________
(١) سورة المجادلة : ٥٨ ـ الآية ٢٢.
(٢) سورة الروم : ٣٠ ـ الآية ٢١.
(٣) سورة لقمان : ٣١ ـ الآية ١٥.
(٤) مسند أحمد ج ٢ ص ٢٢٢ وفيه « في كل ذات كبد حرا أجر ».
(٥) سورة الحشر : ٥٩ الآية ٢٠.