الايات معارضة لاية المائدة بالعموم الذي لا يعارض الخاص ، وأما احتمال إرادة المسلمات من ( الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) (١) فتخرج عن أصل المعارضة فيدفعه أنه مناف للظاهر خصوصا مع المقابلة بالمحصنات من المؤمنات واتصال هذا الحكم بأحكام أهل الكتاب الثابتين على الكفر في قوله تعالى (٢) ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ ) إلى آخرها ، فإنه لا ريب في أن المراد من أهل الكتاب من ثبت منهم على الكفر دون من أسلم باتفاق المفسرين ـ على ما قيل ـ والنصوص الواردة في تفسيرها ، على أن العمدة للخصم النص الدال على أنها منسوخة ، ولولاه لكان الواجب التخصيص ، وحينئذ فالأمر دائر بين النسخ والتخصيص. وعلى كل حال فالمراد بالمحصنات من الذين اللاتي لم يسلمن من الكتابيات ، وقد عرفت رجحان عدم نسخها ، بل قد عرفت ما يدل على أنها ناسخة.
وأما صحيح زرارة (٣) « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال : لا يصلح للمسلم أن ينكح يهودية ولا نصرانية ، إنما يحل منهن نكاح البله » فلم أجد عاملا به ، نعم يحكى عن سلار أنه جوز نكاح المؤمنة والمستضعفة دواما ومطلق الذمية متعة ، لكنه على كل حال قاصر عن معارضة غيره مما عرفت ، على أن قوله عليهالسلام فيه : « لا يصلح » مشعر بالكراهة ، وإرادة الحرمة منه بقرينة قوله عليهالسلام : « إنما يحل » ليس بأولى من إرادة ضعف الكراهة من الثاني بقرينة قوله : « لا يصلح » في الأول ، فيكون عدم البلاهة مرتبة من مراتب الكراهة التي أشرنا إليها ، وقلنا بتنزيل النصوص عليها ، للإشعار فيها بذلك من وجوه.
وقد ظهر لك من ذلك كله ضعف الأقوال الستة أو السبعة ، وأن الأقوال المفصلة منها مبنية على الجمع بلا شاهد ونحوه مما هو واضح البطلان ، ومما سمعته تعرف ما في دعوى المرتضى (ره) من الإجماع على عدم الجواز مطلقا المتبين خلافه ، خصوصا في المتعة وملك اليمين ، فلم يبق بحمد الله سبحانه في المسألة بعد اليوم من
__________________
(١ و ٢) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٥.
(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث ١.