بلا التفات ليس ذلك الأثر له ، فإذا صدر عن الصبيّ لا يترتّب عليه ذلك الأثر وإن قصده وصدر عنه عمدا.
ويؤيّد هذا المعنى ما رواه في قرب الإسناد بسنده عن أبي البختري ، عن جعفر عليهالسلام ، عن أبيه عليهالسلام ، عن علي عليهالسلام ، أنّه كان يقول في المجنون المعتوه الذي لا يفيق ، والصبيّ الذي لم يبلغ : « عمدهما خطأ تحمله العاقلة ، وقد رفع عنهما القلم » (١). فقوله عليهالسلام : « وقد رفع عنهما القلم » بعد حكمه بأنّ عمده خطأ بمنزلة العلّة لهذا الحكم ، فيكون معنى رفع القلم عنه أنّ الأثر الذي كان يترتّب على الفعل الذي يصدر عن العاقل عن عمد وقصد لو كان بالغا لا يترتّب على مثل ذلك الفعل لو صدر عن الصبيّ غير البالغ ، فيكون قصده كلا قصد ، وعمده كالخطإ.
فالأفعال التي لا فرق في ترتّب الأثر عليها بين أن تكون صادرة عن قصد وعمد ـ مع الالتفات إليها أو عدم الالتفات إليها ـ ليس مشمولة لهذا الحديث الشريف.
وأمّا ما يقال : من أنّ الأحكام الوضعيّة اعتبارات من قبل الشارع ابتداء أو إمضاء من قبله لما اعتبره العرف والعقلاء ، والأمور الاعتباريّة سواء أكانت اعتبارات ابتدائيّة من قبله أو كانت إمضائية ، تكون اعتبارها بلحاظ الآثار المترتّبة عليها ، وإن قلنا بأنّها مستقلّة في الجعل ، وليست منتزعة عن الأحكام التكليفيّة كما هو المختار عندنا ، وإلاّ لو يكن لها أثر يكون اعتبارها لغوا لا يصدر عن عاقل فضلا عن الشارع الحكيم.
ففي الحقيقة اعتبار الأحكام الوضعيّة ـ أي : جعلها في عالم التشريع ـ لأجل ترتّب الأحكام التكليفيّة عليها ، والفرق بين هذا القول المشهور والمذهب المنصور مع ما ذهب إليه شيخنا الأعظم قدسسره هو أنّ الحكم الوضعي عند المشهور ملزوم وموضوع
__________________
(١) قرب الإسناد » ص ١٥٥ ، ح ٥٦٩ ، أحاديث قهزقة.