فرع :
إذا استثنى مقدارا من منافع العين الموقوفة ، أو من نفس العين لنفسه ، فالظاهر أنّه ليس من الوقف على النفس ، بل هو إخراج عن أصل الوقف ، فيرجع إلى أنّه لم يقف تمام هذه العين ، أو لم يسبل تمام منافعه ، فلا إشكال فيه أصلا.
فرع آخر :
لو جعل نفسه متوليّا وناظرا على الوقف ، وجعل مقدارا من منافع ذلك الوقف قليلا أو كثيرا للمتولّي ، فهل هذا من قبيل الوقف على النفس وباطل ، أم لا؟.
أقول : إذا كان بمقدار المتعارف ، كالعشر من منافع الوقف ، فالظاهر أنّه لا إشكال فيه ، لأنّه في الواقع من قبيل الأجرة مقابل عمله وتعبه في إدارة الوقف من عمارته وإجارته وإصلاح شؤونه وسائر تصرّفاته.
ولا شكّ في أنّ حال الوقف حال الأملاك الشخصيّة ، كما أنّهم يجعلون أجرا للذي يدير ذلك الملك ، وقد يكون الأجر حصّة من منافع ذلك الملك ، وليس معنى ذلك أن يكون شريكا فيه ، بل يكون كسائر مؤن ذلك الملك ، فيكون حال المتولي والناظر في الوقف حال ذلك الرجل الذي يدير أمر ملك غيره ويديره.
وأمّا إذا كان كثيرا كتسعة أعشار منافعه مثلا لو جعلها للمتولّي الذي هو نفس الواقف ما دام حيّا وفي الطبقة الأولى ، وعيّن غيره بعد مماته ، وجعل له مقدارا متعارفا ، فالإنصاف أنّه لا يخلو عن إشكال ، لأنّه بنظر العرف وقف على نفسه ، فكأنّه جعل نفسه موقوفا عليه ، وإن كان بحسب الظاهر يقال : إنّه حقّ التولية ، ولكن في مقام اللبّ ليس بإزاء إتعابه في إصلاح شؤون الوقف وإدارة أموره.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ عمدة دليل بطلان الوقف على النفس هو الإجماع كما تقدّم ، ولا شكّ في أنّه ليس إجماع في مثل المقام ، بل القائلين بصحّة مثل هذا المقدار للمتولّي كثير ، إن لم يكن من القائلين بالبطلان أكثر.