فهذا صاحب الجواهر قدسسره يستدلّ على قبول قول الودعي إن ادّعى التلف بالإجماع ، وبأنّه محسن قابض لمصلحة المالك (١). ولكن استدلالهم بهذه القاعدة في عدم الضمان لعلّه مستند إلى الآية الشريفة ، بل الظاهر أنّه كذلك ، لا أنّه صرف الاحتمال ، ومع هذا كيف يمكن أن يكون من الإجماع المصطلح الذي بنينا في الأصول على حجّيته.
فظهر من جميع ما ذكرنا أنّ عمدة المدرك لهذه القاعدة هو عموم الآية الشريفة (٢) بناء على إلقاء خصوصيّة المورد ، كما بيّنّا وتقدّم مفصّلا.
الجهة الثانية
في بيان المراد من هذه القاعدة
فنقول : المراد منها ـ وإن ظهر ممّا بيّنّا في شرح أدلّتها ، خصوصا ما ذكرنا في شرح الآية المباركة ، ولكن نبيّن توضيحا لما سبق ـ أنّ الذي يفعل فعلا يكون موجبا للضمان والتغريم في حدّ نفسه ، كما أنّ الولي أو القيّم على الصغير لو صدر فعل عنه في مال الصغير من باب الإحسان إليه ، وكان ذلك الفعل في الواقع إحسانا ، لا أنّه اعتقد أنّه إحسان وفي الواقع لم يكن إحسانا ، لأنّ موضوع القاعدة هو الإحسان الواقعي لا تخيّل الإحسان ، ولكن اتّفق أنّه ترتّب على ذلك الفعل ضرر. كما أنّه لو نقل متاعه في البحر لانتفاع أكثر فغرق ، أو في البرّ فسرق ، فليس عليه الضمان ، لأنّه كان محسنا في هذه الفعل ، وهذا الفعل في حدّ نفسه إحسان إليه ، والغرق والحرق والسرقة أمر اتّفاقي.
ووجود هذه الأمور من باب الاتّفاق لا يمنع التجّار عن تجاراتهم ومكاسبهم ، كما أنّه لا يمنع عن صدق الإحسان إلى القصر إذا صدر عن الأولياء.
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٢٧ ، ص ١٤٧.
(٢) التوبة (٩) : ٩١.