الفساد أوّلا وبالذات عرض على نفس العقد لاختلال بعض أركانه ، ويكون الشرط سببا وعلّة لعروض ذلك الاختلال على نفس العقد.
مثلا : إذا كان الشرط مجهولا ، كما إذا شرط أن يكون المبيع بكيل كذا ، أو بوزن كذا ، وكان ذلك الكيل أو ذلك الوزن مجهولا ، فتسرى الجهالة إلى نفس المبيع ، فيكون البيع غرريّا وفاسدا ، ففساد البيع ليس إلاّ لوقوع غرر في نفس البيع ، لا لفساد ذلك الشرط. وكذا في شرط البيع على البائع يكون بطلان مثل هذا البيع لأجل استلزامه للمحال ، للزوم الدور. فليس فساده ، لأجل فساد الشرط ، بل لو كان هذا الشرط جائزا كان هذا البيع فاسدا ، لما ذكرنا من استلزامه للمحال.
وإن شئت قلت : إنّ الشرط بوجوده يوجب فساد العقد ، لا بفساده ، لما قلنا إنّ وجود هذا الشرط موجب لصيرورة البيع الأوّل مستلزما للمحال وهو الدور. وأمّا إن أجبنا عن الدور ، فيخرج عن محلّ الكلام بالمرّة ، فلا يكون العقد ولا الشرط فاسدا. وقد تقدّم ما هو التحقيق فيه في قاعدة « المؤمنون عند شروطهم ». (١)
وكذا الشروط المنافية لمقتضى العقد بوجودها يوجب التناقض بين مفاد العقد ومفاد الشرط ، ولا يكون مستندا إلى فساد الشرط ، وكذلك الشرط غير المقدور بوجوده يوجب لغويّة المعاملة ، فليس فساده مستندا إلى فساد الشرط ، بل يكون لوجوده.
وخلاصة الكلام : أنّ تلك الموارد المذكورة خارجة عن تحت هذه الكلّية تخصّصا ، لا تخصيصا.
ثمَّ إنّ الذين اختاروا عكس ما اخترناه ـ أي قالوا بأنّ كلّ شرط فاسد يوجب فساد العقد ـ أيضا قالوا بخروج الشرط الذي يكون فساده ـ أي : عدم لزوم وجوب الوفاء به ـ من جهة لغويّته وعدم تعلّق غرض العقلاء به ، مع أنّه فاسد لا يوجب
__________________
(١) راجع : ج ٣ ، ص ٢٦٧.