وقد يقال إنّ الرّواية وإن شملت كلتا العادتين بإطلاقها إلاّ أنّ مفهوم الموثقة موثقة سماعة حاكم على الرّواية ، ومقتضاه عدم تحقّق العادة غير العادة العدديّة برؤية الدم مرّتين ، وذلك حيث ورد في الموثقة « سألته عن الجارية البكر أوّل ما تحيض ، فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيّام ، يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدّة أيّام سواء ، قال عليهالسلام : فلها أن تجلس وتدع الصّلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة ، فإذا اتفق الشهران عدّة أيّام سواء فتلك أيّامها » (١).
حيث دلّت بمفهوم قوله عليهالسلام : « فإذا اتّفق ... » أنّه إذا لم يتّفق الشهران عدّة أيّام سواء فليست الأيّام أيّام عادتها ، لأنّها حصرت أيّام عادتها بما إذا تحقّقت لها العادة العدديّة ، ومع عدم العادة العدديّة لا يكون أيّام رؤيتها الدم في الشهرين أيّاماً لها وإن كانت لها عادة وقتيّة. وبهذا يحكم بأنّ غير ذات العادة العدديّة لا تجعل أيّام الدم في الشهرين أيّامها وإن كانت ذات عادة وقتيّة.
ولكن الأمر ليس كذلك ، وذلك لأنّ مورد الرّواية ليست هي ذات العادة العدديّة فإنّ هذا التعبير « فقد علم الآن أنّ ذلك قد صار لها وقتاً وخلقاً معروفا » وكذا قوله « أيّام أقرائك » لا يناسب ذات العادة العدديّة ، إذ لا وقت لها على الفرض ، وإنّما موردها ذات العادة الوقتيّة ولو من حيث الأخير ، ومورد الموثقة هو ذات العادة العدديّة كما هو مقتضى قوله « فإذا اتّفق الشهران عدّة أيّام سواء » فقد دلّت الموثقة على أنّ المضطربة الّتي لا يكون طمثها في الشهر عدّة أيّام سواء إذا رأت الدم في الشّهرين سواء من حيث العدد فذلك العدد أيّامها ، فتجعلها حيضاً إذا تجاوز الدم بها العشرة ، وإذا لم يتّفق لها أيّام سواء في شهرين من حيث العدد فلا عادة عدديّة لها حتّى تجعلها حيضاً عند تجاوز دمها العشرة ، فهي ناظرة إلى من ليست لها عادة عدديّة ومن لها عادة عدديّة. وأين هذا من ذات العادة الوقتيّة لتدل على عدم تحقّق عادتها بمرّتين ، فكلمة الأيّام في الموثقة غير الأيّام في المرسلة (٢) ، والحصر في الموثقة بمقتضى
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٠٤ / أبواب الحيض ب ١٤ ح ١.
(٢) أي رواية يونس السابقة.