حينئذ ، فإنّ مفهومها سالبة بانتفاء موضوعها ، ومقتضاه أنّ المرأة إذا رأت الدم شهرين مختلفين فليست تلك الأيّام بأيّامها ، وأمّا أنّ العادة السابقة ترتفع بذلك فلا يستفاد منها بوجه. فدعوى أنّ الموثقة تدل على أنّ المرأة إذا رأت الدم مرّتين مختلفتين على خلاف عادتها السالفة ترتفع بذلك العادة السابقة ساقطة لا يعتنى بها.
والصحيح في الحكم بارتفاع العادة السابقة أن يستدل بمعتبرة يونس المتقدّمة ، حيث إنّها بعد ما دلّت على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سنّ في الحيض ثلاث سنن وبيّنت أقسامها وشقوقها ، دلّت على أنّ ذات العادة إذا تغيّرت عادتها ورأت مرّة زائدة ومرّة ناقصة فهي مضطربة لا بدّ من أن ترجع إلى الصفات وإقبال الدم وإدباره أي زيادته وقلّته المعبر عنه بالدم البحراني ، وذلك حيث ورد في ذيلها وإن اختلط عليها أيّامها وزادت أي مرّة ونقصت أي مرّة أُخرى حتّى لا تقف منها على حدّ ولا من الدم على لون ، عملت بإقبال الدم وإدباره وليس لها سنّة غير هذا ، لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أقبلت الحيضة فدعي الصّلاة وإذا أدبرت فاغتسلي ، ولقوله عليهالسلام « إنّ دم الحيض أسود يعرف كقول أبي إذا رأيت الدم البحراني » الحديث (١).
ومقتضى ذلك الحكم بارتفاع العادة برؤية الدم مرّتين مختلفتين وكون المرأة مضطربة ، إلاّ أنّ المسألة لمّا كانت إجماعيّة حيث نقلوا عدم الخلاف في عدم انقلاب العادة برؤية الدم مرّتين مختلفتين كان الاحتياط بالجمع بين أحكام ذات العادة والمضطربة في محله وموقعه.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٨٨ / أبواب الحيض ب ٨ ح ٣.