تراها الحبلى ليست بحيض (١) سواء تراها في أيّام عادتها أو في غيرها أنّها ليست بحيض ، والطائفتان متعارضتان والنسبة بينهما عموم من وجه ، وتعارضهما في الصفرة الّتي تراها الحبلى أيّام عادتها ، ومقتضى القاعدة تقديم ما دلّ على أنّ الصفرة في أيّام العادة حيض ، لأنّ في تلك الطائفة رواية يونس المشتملة على أنّ « كلّ ما رأت المرأة في أيّام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض » (٢) وحيث إنّ دلالتها بالعموم ودلالة الطائفة الثّانية بالإطلاق ، لا محالة يتقدّم ما كانت دلالته بالعموم على ما كانت دلالته بالإطلاق.
ولكن الرّواية ضعيفة بالإرسال ، لأنّ يونس رواها عن بعض أصحابه ، وغيرها من الأخبار مطلق ، على أنّ كون دلالتها بالعموم محل تأمّل ومنع ، لأنّ عمومها إنّما هو بالإضافة إلى الدم الأحمر والأصفر ، وأمّا بالإضافة إلى أفراد المرأة فدلالتها بالإطلاق ، وعلى تقدير الغض عن ذلك وفرضها عامّة أيضاً لا يمكننا الحكم بحيضيّة الدم المذكور ، لضعف الرّواية بحسب السند.
ومقتضى القاعدة في تعارض المطلقين بالعموم من وجه هو التساقط والرّجوع إلى العام الفوق ، وهو ما دلّ على أنّ دم الحيض والاستحاضة لا خفاء فيه ، لأنّ الحيض دم أحمر عبيط ، ودم الاستحاضة أصفر بارد ، ومعه لا يحكم على الصفرة الّتي تراها الحبلى بالحيضيّة.
ومع الغض عن هذا العموم لا بدّ من الرّجوع إلى عمومات ومطلقات أدلّة التكاليف ، كما دلّ على وجوب الصّلاة على كلّ مكلّف ، أو ما دلّ على أنّ الزّوج يجوز له وطء زوجته أنّى شاء ، ومقتضاها الحكم بعدم الحيضيّة في المقام. وهذه المسألة ممّا لم نر التعرّض له في كلمات الأصحاب.
هذا كلّه في المقام الأوّل ، وهو ما إذا استمرّ الدم ثلاثة أيّام ولم يكن واجداً للصفات ، وهو الّذي جزم الماتن بكونه حيضاً كما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٣١ و ٣٣٤ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ٦ و ١٦.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٧٩ / أبواب الحيض ب ٤ ح ٣.