الانقطاع ورؤية الدم دفعة أو دفعتين ، كما في بعض الأخبار ، فالصحيحة تدلّ على أنّ الدم إذا رأته الحبلى وانقطع لا يحكم عليه بكونه حيضاً ، كما ورد في بعض الرّوايات (١) من أنّ الدم الّذي تراه المرأة دفعة أو دفعتين من الهراقة وليس بحيض ، لاعتبار الاستمرار فيه ، وأمّا إذا استمرّ في أوّل زمان رؤيتها ولم ينقطع بعد رؤيته فهو حيض ولا دلالة في الصحيحة على أنّه إذا استمرّ ثلاثة أيّام فهو حيض لعدم ذكر الثّلاثة في الرّواية.
فالصحيح عدم الفرق في ذلك بين الحبلى وغيرها ، هذا كلّه في المقام الأوّل.
وأمّا المقام الثّاني : أعني ما إذا كان الدم الّذي تراه المبتدئة أو أخواتها صفرة ، فهل يحكم بكونه حيضاً؟
فإن قلنا بعدم كون الصفرة حيضاً في المقام الأوّل ، أعني ما إذا استمرّ ثلاثة أيّام فلا يحكم بحيضيّتها في هذا المقام بطريق أولى.
وأمّا إذا حكمنا بحيضيّة الصفرة إذا مضت عليها ثلاثة أيّام فيقع الكلام في أنّها قبل انقضاء الثّلاثة حيض أو ليس بحيض ، المشهور بينهم هو الحكم بحيضيّته إذ لا فرق عندهم في ذلك بين المستمر ثلاثة أيّام وغير المستمر ، كما لا فرق في الحكم بالحيضيّة عندهم بين واجد الصفات وفاقدها.
لكن الماتن احتاط في المسألة بالجمع بين أحكام المستحاضة وتروك الحائض ، والوجه في احتياطه عدم ترجح الأدلّة الدالّة على الحيضيّة كقاعدة الإمكان ، لأنّه دم يمكن أن يكون حيضاً على أدلّة النافين عنده ، ولكن مقتضى القاعدة لو كنّا نحن والقاعدة هو الحكم بحيضيّته ، وذلك لاستصحاب عدم انقطاعه إلى ثلاثة أيّام والمفروض أنّه على تقدير استمراره كذلك محكوم بالحيضيّة ، والاستصحاب لا يفرق فيه بين أن يكون متعلّق اليقين أمراً متقدِّماً وبين أن يكون أمراً فعليّاً ويكون المشكوك فيه أمراً استقبالياً ، لأنّ المدار فيه على فعلية اليقين والشكّ ، وأمّا كون متعلّق اليقين
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٣٢ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ٨.