لأنّ الدم واجد للصفات ولا يمكن الحكم بحيضيّة الجميع ، لأنّه زائد عن العشرة ولا تتمكّن من التمييز.
الثّاني : ما عن الشيخ قدسسره من الحكم بحيضيّة العشرة وبالاستحاضة فيما زاد عليها (١) ، وذلك لأنّ الحيض لا يزيد على العشرة وحيث إنّه واجد للصفات فيحكم بحيضيّته إلى العشرة وعدمها فيما زاد عليها.
ويرد عليه : أنّ المستفاد من المرسلة أنّ السنن منحصرة في ثلاث ، وهي الرّجوع إلى العادة ، وهذا يختص بذات العادة ، والرّجوع إلى التمييز بالصفات ، وهو يختص بالمستحاضة الّتي لا عادة لها فيما إذا تجاوز دمها العشرة وكان بعضه واجداً للصفات وبعضه فاقداً ، والرّجوع إلى العدد والرّوايات ، وهو يختص بالمستحاضة غير ذات العادة فيما إذا تجاوز دمها العشرة وكان اللّون واحداً في جميع الدم بحيث لم تتمكّن من التمييز.
فالحكم بجعل العشرة حيضاً دون الزائد سنّة رابعة ، وهو على خلاف حصر المرسلة ، على أنّ ذيلها يدل على أنّ المستحاضة إذا كانت استحاضتها دارّة وكان بلون واحد فوظيفتها الرّجوع إلى العدد ، ومقتضى إطلاقها الحكم في كلّ مستحاضة بذلك في غير ذات العادة وما إذا لم يكن الدم بلون واحد.
كما أنّ موثقتي ابن بكير المتقدِّمتين (٢) دلّتا بإطلاقهما على أنّ المستحاضة ترجع إلى العدد مطلقاً ، وخرجنا عن إطلاقهما في ذات العادة وما إذا تمكنت غير ذات العادة من التمييز بالصفات ، وبقي غيرهما تحت إطلاقهما ، ومنه المقام لأنّها مستحاضة ولا عادة لها ، كما أنّها غير متمكّنة من التمييز ، فما أفاده الشيخ قدسسره يشبه الاجتهاد في مقابلة النص فلا يمكن الاعتماد عليه.
ومن هذا يظهر الجواب عن المحتمل الثّالث في المقام.
__________________
(١) المبسوط ١ : ٤٤ / في الحيض.
(٢) تقدّمتا في الصفحة ٢٦٦. وراجع الوسائل ٢ : ٢٩١ / أبواب الحيض ب ٨ ح ٥ ، ٦.