ووجوده الذهني دون وجوده الخارجي ، وإطلاق الشرط عليه مبني على ضرب من المسامحة باعتبار أنّه طرف له ، وعلى ضوء هذا الأساس لا فرق بين كون وجود الشرط خارجاً متأخراً عن المشروط أو متقدماً عليه أو مقارناً له ، إذ على جميع هذه التقادير الشرط واقعاً والدخيل فيه حقيقة هو لحاظه ووجوده العلمي ، وهو معاصر له زماناً ومتقدم عليه رتبة.
وعلى الجملة : فالحكم بما أنّه فعل اختياري للحاكم ، فلا يتوقف صدوره منه إلاّعلى تصوره بتمام أطرافه من المتقدمة والمقارنة واللاّحقة ، وهو الموجب لحدوث الارادة في نفسه نحو إيجاده ، كسائر الأفعال الاختيارية ، فالشرط له حقيقة إنّما هو وجود تلك الأطراف في عالم التصور واللحاظ ، دون وجودها في عالم الخارج.
وغير خفي أنّ ما أفاده قدسسره إنّما يتم في موردين : أحدهما : في القضايا الشخصية. وثانيهما : في مرحلة الجعل والتشريع ، ولا يتم فيما نحن فيه ، فلنا دعاوٍ ثلاث :
أمّا الدعوى الاولى : فلأن فعلية الأحكام المجعولة في القضايا الشخصية مساوقة لجعلها غالباً ، فهما في آن واحد ، والسبب في ذلك : أنّ الموضوع فيها هو الشخص الخارجي ، ومن الطبيعي أنّه ليس لفعلية الحكم المجعول عليه حالة منتظرة ما عدا جعله ، فانّ فعلية الحكم إنّما هي بفعلية موضوعه ، فإذا كان موضوعه موجوداً في الخارج كما هو المفروض كان فعلياً لا محالة ، فلا تتوقف فعلية الحكم فيها على شيء آخر ، ومن المعلوم أنّ ما هو دخيل في ذلك ومؤثر فيه إنّما هو إرادة المولى بمبادئها من التصور واللحاظ ، فلا دخل لشيء من الوجودات الخارجية فيه ، فأمر المولى باتيان الماء مثلاً لا يتوقف على شيء سوى إرادته واختياره كسائر أفعاله الاختيارية ، والمفروض أنّ زمان الجعل