اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(١).
وبكلمة اخرى : بعد ما كان جعل الأحكام الشرعية بيد الشارع سعة وضيقاً ورفعاً ووضعاً ، فكما أنّ له جعل الحكم معلّقاً على أمر مقارن ، كذلك له جعل الحكم معلّقاً على أمر متقدم عليه أو متأخر عنه ، ومن المعلوم أنّ المولى إذا جعل الحكم معلّقاً بأمر متأخر عن وجوده ، فبطبيعة الحال تكون فعليته قبل وجود ذلك الأمر ، وإلاّ لكانت الفعلية على خلاف الانشاء وهو خلف كما عرفت.
ومثال ذلك في العرفيات : الحمّامات المتعارفة في زماننا هذا ، فان صاحب الحمام يرضى في نفسه رضى فعلياً بالاستحمام لكل شخص على شرط أن يدفع بعد الاستحمام وحين الخروج مقدار الاجرة المقرّرة من قبله ، فالرضا من المالك فعلي والشرط متأخر.
ومن ضوء هذا البيان يظهر فساد ما أفاده المحقق النائيني قدسسره (٢) من أنّ الموضوع في القضايا الحقيقية بما أنّه اخذ مفروض الوجود فيستحيل تحقق الحكم وفعليته قبل فعلية موضوعه بقيوده ، توضيح الفساد : ما عرفت من أنّه كما يمكن أخذ الموضوع مفروض الوجود في ظرف مقارن للحكم أو متقدم عليه ، كذلك يمكن أخذه مفروض الوجود في ظرف متأخر عنه ، وعليه فلا محالة تتقدم فعلية الحكم على فعلية موضوعه.
فالنتيجة في نهاية المطاف : هي أنّ شرائط الحكم عبارة عن قيود الموضوع المأخوذة مفروضة الوجود في الخارج من دون فرق بين كونها مقارنة للحكم أو متقدمة عليه أو متأخرة عنه ، وليس لها أيّ دخل وتأثير في نفس الحكم أصلاً. ومن هنا قلنا إنّ إطلاق الشروط والأسباب عليها مجرد اصطلاح بين
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٩٧.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٢٩.