فبطبيعة الحال قد أمضى الشارع ذلك العقد بمقتضى تلك العمومات والاطلاقات ، ومن ناحية ثالثة : أنّ ظرف الاجازة وإن كان متأخراً إلاّ أنّ متعلقها ـ وهو العقد ـ أمر سابق. فالنتيجة على ضوء هذه النواحي هي صحة العقد من حينه وحصول الملكية من هذا الحين ، وهذا معنى كون الاجازة بوجودها المتأخر شرطاً للملكية السابقة.
وبكلمة اخرى : أنّ اعتبار الشارع وإمضاءه وإن كان من الآن ، أي من حين الاجازة ، إلاّ أنّ الممضى هو العقد السابق والمعتبر هو الملكية المتقدمة أعني الملكية من حين العقد ، والمفروض أنّ الاجازة شرط لها. ونظير ذلك ما إذا افترضنا قيام دليل على أنّ القبول المتأخر بزمن مؤثر في صحة العقد من حين الايجاب ، فانّه عندئذ لا مناص من الالتزام بحصول الملكية من هذا الحين ، وإن كان ظرف اعتبارها بمقتضى أدلة الامضاء من حين القبول ، إلاّ أنّ ذلك مجرد افتراض فلا واقع موضوعي له ، على أنّه خلاف المرتكز في أذهان العرف والعقلاء ، وذلك بخلاف الاجازة اللاّحقة ، فان كونها شرطاً متأخراً كان على طبق القاعدة وموافقاً للارتكاز فلا نحتاج إلى دليل.
ومن هنا قد التزمنا في مسألة الفضولي بالكشف الحقيقي بهذا المعنى ، وقلنا هناك إنّ هذا لا يحتاج إلى دليل خاص (١) ، كما أنّا ذكرنا هناك أنّه لا تنافي بين اعتبار الشارع ملكية مال لشخص في زمان وبين اعتباره ملكيته لآخر في ذلك الزمان بعينه إذا كان زمان الاعتبار متعدداً ، فالعبرة في أمثال ذلك إنّما هي بتعدد زماني الاعتبار وإن كان زمان المعتبرين واحداً ، لعدم التنافي بينهما ذاتاً ، وذلك لما حققناه في موطنه (٢) من أنّ الأحكام الشرعية بأجمعها : التكليفية
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٤ : ١٤١.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ١٢٥.