فرق بينه وبين الاطلاق الشمولي من هذه الجهة ، غاية الأمر أنّ شموله بالدلالة المطابقية ، وشمول ذاك بالدلالة الالتزامية.
وبكلمة اخرى : قد ذكرنا غير مرّة أنّ الاطلاق عبارة عن رفض القيود وعدم دخلها في الحكم ، وعليه فإذا لم يقيد الشارع حكمه بفرد خاص من الطبيعة بل جعل على نحو صرف الوجود ، فلا محالة يستلزم عقلاً ثبوت الترخيص شرعاً في تطبيقها على أيّ فرد من أفرادها شاء المكلف. ومن هنا ذكرنا أنّ ثبوت حكم وجوبي بالاطلاق وعلى نحو صرف الوجود يستلزم عقلاً ثبوت الترخيص في التطبيق شرعاً بالاضافة إلى تمام الأفراد. وعلى ضوء هذا البيان فرفع اليد عن الاطلاق البدلي أيضاً يستلزم رفع اليد عن الحكم والتصرف فيه ، لفرض أنّ إطلاقه إنّما هو بدلي بالاضافة إلى الحكم الوجوبي وأمّا بالاضافة إلى الحكم الترخيصي فهو شمولي كالاطلاق الشمولي فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً. فإذن لا وجه لترجيح أحدهما على الآخر ، ومجرد اختلافهما في نوع الدلالة لا يوجب الترجيح كما هو ظاهر.
الثاني : أنّ ثبوت الاطلاق في كل من الشمولي والبدلي وإن توقف على مقدمات الحكمة ، إلاّ أنّ الاطلاق البدلي يزيد على الاطلاق الشمولي بمقدمة واحدة ، وتلك المقدمة هي إحراز تساوي أفراد الطبيعة في الوفاء بغرض المولى من دون تفاوت بينها في ذلك أصلاً ، والسبب فيه : أنّ مقدمات الحكمة تختلف زيادة ونقيصة باختلاف الموارد ، ففي موارد إثبات الاطلاق الشمولي تكفي مقدمات ثلاث : الاولى : ثبوت الحكم للطبيعة الجامعة دون حصة خاصة منها. الثانية : كون المتكلم في مقام البيان. الثالثة : عدم نصب قرينة على الخلاف ، فإذا تمت هذه المقدمات تمّ الاطلاق ، ومقتضاه ثبوت الحكم لتمام أفرادها على اختلافها ومراتب تفاوتها.