وذلك كالنهي عن شرب الخمر مثلاً ، فإنّه بمقتضى إطلاقه يدل على حرمة شرب كل فرد من أفراده الطولية والعرضية على اختلافها وتفاوتها من ناحية الملاك شدّة وضعفاً. وكالنهي عن قتل النفس المحترمة ، فان قضية إطلاقه ثبوت الحرمة لقتل كل نفس محترمة مع تفاوتها من حيث الملاك ، لوضوح أنّ ملاك حرمة قتل نفس النبي أو الوصي أشدّ بمراتب من ملاك حرمة قتل نفس غيرهما ، وهكذا.
وكالنهي عن الكذب ، فانّه يدل على حرمة تمام أفراده مع تفاوتها بتفاوت الملاك شدّة وضعفاً ، فانّ الكذب على الله أو رسوله أشد من الكذب على غيرهما. وكالنهي عن الزنا ، فانّ الزنا بالمحارم أشد من الزنا بغيرها ، وهكذا ، فالنتيجة : أن مفاد الاطلاق الشمولي ثبوت الحكم لتمام الأفراد بشتى أشكالها وألوانها على نسبة واحدة ، ولا أثر لتفاوت الأفراد في الملاك شدّة وضعفاً من هذه الناحية أصلاً.
وهذا بخلاف الاطلاق البدلي ، فان ثبوته يتوقف على مقدمة اخرى زائدة على المقدمات المذكورة ، وهي إحراز تساوي أفراده من الخارج في الوفاء بالغرض ، ومن الطبيعي أنّه لا يمكن إحراز ذلك مع وجود العام الشمولي على خلافه ، حيث إنّه يكون صالحاً لبيان التعيين في بعض الأفراد وأشدية الملاك فيه ، ومعه لا ينعقد الاطلاق البدلي.
والجواب عنه : أنّ إحراز التساوي في الوفاء بالغرض ليس مقدمة رابعة في قبال المقدمات الثلاث المتقدمة لكي يتوقف الاطلاق عليها ، ضرورة أنّه يتحقق بنفس تلك المقدمات من دون حاجة إلى شيء آخر ، ومن المعلوم أنّه إذا تحقق فهو بنفسه كاف لاثبات التساوي في ذلك بلا حاجة إلى دليل آخر. وبكلمة اخرى : إذا كان الحكم ثابتاً على الطبيعة على نحو صرف الوجود من دون