ـ وهو وجود القبلة ـ غير مقدور.
فالنتيجة : أنّ تقييد كل من الهيئة والمادة مشتمل على خصوصية مباينة لما اشتمل عليه الآخر من الخصوصية ، فانّ تقييد الهيئة مستلزم لأخذ القيد مفروض الوجود ، وتقييد المادة مستلزم لكون التقيد به مطلوباً للمولى ، وعلى ضوء هذا الأساس فليس في البين قدر متيقن لنأخذ به وندفع الزائد بالاطلاق.
وبكلمة اخرى : قد سبق في ضمن البحوث السالفة أنّ معنى الاطلاق هو رفض القيود عن شيء وعدم ملاحظتها معه لا وجوداً ولا عدماً ، وعلى ذلك فمعنى إطلاق الهيئة عدم اقتران مفادها عند اعتباره بوجود قيد ولا بعدمه. وفي مقابله تقييده بقيد ، فانّ مرده إلى أنّ المجعول في طرفها هو حصة خاصة من الوجوب ـ وهي الحصة المقيدة بهذا القيد ـ ومعنى إطلاق المادة هو أنّ الواجب ذات المادة من دون ملاحظة دخل قيد من القيود في مرتبة موضوعيتها للحكم ، وفي مقابله تقييدها بخصوصية ما ، فانّ مفاده هو أنّ المولى جعل حصة خاصة منها موضوعاً للحكم ومتعلقاً له ـ وهي الحصة المقيدة بهذه الخصوصية ـ.
ومن هنا يظهر أنّ النسبة بين تقييد المادة وتقييد الهيئة عموم من وجه ، فيمكن أن يكون شيء قيداً لمفاد الهيئة دون المادة ، وذلك كما إذا افترضنا أنّ القيام مثلاً قيد لوجوب الصلاة دونها ، فعندئذ جاز الاتيان بالصلاة جالساً بعد تحقق القيام ، بل لا مانع من تصريح المولى بذلك بقوله : إذا قمت فصلّ قاعداً ، وكالاستطاعة فانّها قيد لوجوب الحج دون الواجب ، ومن هنا لو استطاع شخص ووجب الحج عليه ولكنّه بعد ذلك أزال الاستطاعة باختياره فحج متسكعاً صحّ حجّه وبرئت ذمته ، فلو كانت الاستطاعة قيداً لنفس الحج أيضاً لم يصح جزماً لفرض انتفاء قيده ، ومن هذا القبيل ما نسب إلى بعض من أنّ السفر قيد للوجوب دون الواجب ، فلو كان المكلف مسافراً في أوّل الوقت ثمّ