وبكلمة اخرى : أنّ التمسك بالاطلاق كما لايمكن لنفي المدلول المطابقي للتقييد ، كذلك لا يمكن لنفي مدلوله الالتزامي ، وذلك لأنّ كلاً منهما طرف للعلم الاجمالي من دون خصوصية في ذلك لأحدهما ، وعليه فبطبيعة الحال يقع التكاذب بين الاطلاقين بالاضافة إلى كل منهما.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة وهي بطلان الدعاوي المتقدمة وعدم واقع موضوعي لشيء منها ، وأ نّها جميعاً تقوم على أساس عدم تنقيح ما هو محل النزاع في المقام ، بيان ذلك :
أمّا ما ادّعاه شيخنا الأنصاري قدسسره من استلزام تقييد الهيئة تقييد المادة ، فهو مبتن على أساس تخيل أنّ المراد من تقييد المادة هو عدم وقوعها على صفة المطلوبية إلاّبعد تحقق قيد الهيئة ، وقد تقدّم أنّ هذا المعنى ليس المراد من تقييدها ، بل المراد منه معنى آخر ، وقد سبق أنّه لا ملازمة بينه وبين تقييد الهيئة أصلاً.
وأمّا ما ادّعاه المحقق صاحب الكفاية قدسسره في خصوص القرينة المنفصلة ، فمبني على توهم أنّ تقييد الهيئة وإن لم يستلزم تقييد المادة ، إلاّ أنّه يوجب بطلان محل الاطلاق فيها ، وهو كتقييدها في الأثر. ولكن قد ظهر ممّا ذكرناه خطأ هذا التوهم ، وأنّ تقييد الهيئة كما لا يستلزم تقييد المادة كذلك لا يوجب بطلان محل الاطلاق فيها ، وعليه فالعلم الاجمالي بوجود القرينة المنفصلة الدالة على تقييد أحدهما لا محالة يوجب سقوط كلا الاطلاقين عن الاعتبار بعد ما عرفت من عدم مزية لأحدهما على الآخر.
وأمّا ما ادّعاه شيخنا الاستاذ قدسسره فهو مبتن على أساس أنّ تقييد المادة متيقن وتقييد الهيئة يحتاج إلى خصوصية زائدة ومؤونة أكثر. ولكن قد تقدّم فساد ذلك ، وأنّ تقييد كل منهما يحتاج إلى خصوصية مباينة لخصوصية