كلاهما استقبالياً ، وذلك كما إذا اعتبر شخص ملكية منفعة داره مثلاً لآخر بعد شهر ، فانّ المعتبر ـ وهو الملكية ـ ومتعلقه ـ وهو المنفعة ـ كليهما استقبالي ، والحالي إنّما هو الاعتبار فحسب ، وهذا ربّما يتفق وقوعه في باب الاجارة وفي باب الوصية كالوصية بالملك بعد الموت ، ومن الواضح أنّه لا فرق في ذلك بين الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية. وقد تحصل من ذلك : أنّ في تسرية أحكام الارادة على الطلب والبعث مغالطة ظاهرة ولا منشأ لها إلاّ الاشتراك في الاسم.
فقد انتهينا في نهاية الشوط إلى هذه النتيجة وهي أنّه لا مانع من الالتزام بالواجب المعلّق بالمعنى الذي ذكرناه وهو كون وجوبه مشروطاً بشرط متأخر.
الثاني : ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من أنّ القيود الراجعة إلى الحكم المأخوذة في موضوعه بشتى ألوانها تؤخذ مفروضة الوجود في مقام الاعتبار والجعل فلا يجب على المكلف تحصيل شيء منها وإن كان مقدوراً كالاستطاعة ، ومن الواضح أنّ فعلية الحكم في مثل ذلك إنّما هي بفعلية تلك القيود ، فلا تعقل فعليته قبل فعليتها وتحققها في الخارج ، وعلى هذا الأساس بنى على استحالة الشرط المتأخر. ولكن قد تقدّم الكلام في مسألة الشرط المتأخر بصورة مفصلة في بيان ذلك الأساس وما فيه من النقد والاشكال فلا نعيد.
الثالث : ما قيل كما في الكفاية (٢) من أنّ التكليف مشروط بالقدرة ، وعليه فلا بدّ أن يكون المكلف حين توجيه التكليف إليه قادراً ، فلو التزمنا بالواجب المعلّق لزم عدم ذلك. وجوابه واضح ، وهو أنّ القدرة المعتبرة في صحة التكاليف إنّما هي قدرة المكلف في ظرف العمل وإن لم يكن قادراً في ظرف التكليف.
__________________
(١). أجود التقريرات ١ : ١٩٦ وما بعدها.
(٢). كفاية الاصول : ١٠٣.