التفاته إلى أنّه يؤدّي إلى عدم إحراز امتثال الواجب في ظرفه.
وأمّا إذا كان معذوراً في تركه قبله ثمّ بعد دخوله تردد أمره بين شيئين كالقصر والاتمام مثلاً ، لم يتنجز الواقع عليه على كل تقدير ، إذ المفروض أنّه لا يتمكن من الجمع بينهما ، بل يتنجز على تقدير دون آخر ، وسمّينا ذلك في بحث الاضطرار إلى أحد أطراف العلم الاجمالي بالتوسط في التنجيز (١) ، ومردّه إلى وجوب الاتيان بأحدهما لتمكن المكلف منه ، سواء أكان موافقاً للواقع أم كان مخالفاً له ، غاية الأمر أنّ المكلف في صورة المخالفة معذور ، وذلك كالصبي في أوّل بلوغه إذا دار أمره بين شيئين كالظهر والجمعة مثلاً ولا يتمكن من الجمع بينهما ولا من التعلم ، فعندئذ بطبيعة الحال الواجب عليه هو الاتيان بإحداهما ولا يكون معذوراً في تركها.
الرابع : أنّ ترك التعلم قبل الوقت موجب لترك الواجب في ظرفه ، إمّا للغفلة عن التكليف أصلاً ، أو لعدم التمكن من امتثاله ، والأوّل كثيراً ما يتفق في المعاملات ، حيث إنّ المتعاملين من جهة ترك تعلم أحكام المعاملات لا يميّزان الصحيحة منها عن الفاسدة ، فإذا أوقعا معاملة فاسدة في الخارج وتحقق النقل والانتقال بنظرهما فبطبيعة الحال يتصرف كل منهما فيما انتقل إليه غافلاً عن أنّه حرام ، والثاني كثيراً ما يتفق في العبادات كالصلاة ونحوها ، فانّها حيث كانت مركبة من عدّة امور : التكبيرة والقراءة والركوع والسجود والتشهد والتسليمة ونحو ذلك ، ومشروطة بعدة شرائط كطهارة البدن واللباس واستقبال القبلة وما شاكلها ، ومن الطبيعي أنّ تعلم الصلاة بتمام أجزائها وشرائطها يحتاج إلى مدّة من الزمن ولا سيّما لمن لم يحسن اللغة العربية ، وفي هذا القسم يجب التعلم قبل
__________________
(١) راجع مصباح الاصول ٢ : ٤٥٣ وما بعدها.