من الصلاة فلا يترتب عليها ترتب المعلول على العلة التامة ، بل ترتبه عليها متوقف على مقدمة اخرى خارجة عن اختيار المكلف وإطار قدرته ، إلاّ أنّه لا يتم بالاضافة إلى الغرض القريب وهو حيثية الاعداد للوصول إلى الغرض الأقصى ، حيث إنّه لا يتخلف عنها ، فيكون ترتبه عليها من ترتب المعلول على العلة التامة والمسبب على السبب ، وبما أنّ السبب مقدور للمكلف فلا مانع من تعلق التكليف بالمسبب ، فيكون المقام نظير الأمر بزرع الحب في الأرض ، فانّ الغرض الأقصى منه ـ وهو حصول النتاج ـ وإن كان خارجاً عن اختيار المكلف ، إلاّ أنّ الغرض المترتب على الزرع من غير تخلف ـ وهو إعداد المحل للانتاج ـ مقدور له بالقدرة على سببه لا محالة ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : بما أنّ هذا الغرض المترتب على تلك الأفعال ترتب المسبب على السبب لزومي على الفرض ، فبطبيعة الحال يتعين تعلق التكليف به ، لكونه مقدوراً من جهة القدرة على سببه ، وعلى ذلك يبقى إشكال دخول الواجبات النفسية في تعريف الواجب الغيري بحاله.
فالصحيح في المقام أن يقال : أمّا بناءً على نظرية صاحب المعالم قدسسره (١) من أنّ الأمر بالمسبب عين الأمر بالسبب ، فيكون جميع الأفعال واجباً بالوجوب النفسي ، فليس هنا واجب آخر ليكون وجوبها لأجل ذلك الواجب ، لفرض أنّ الأمر بالغاية عين الأمر بتلك الأفعال ، إلاّ أنّ هذه النظرية خاطئة جداً ولا واقع موضوعي لها أصلاً.
وأمّا بناءً على نظرية المشهور كما هو الحق ، وهي أنّ حال السبب حال بقية المقدمات فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، فلأنّ المصالح والغايات المترتبة
__________________
(١) لاحظ معالم الدين : ٦١.