ولكنّ الانحلال الحكمي في مسألتنا هذه لا بملاك الانحلال الحكمي هناك ، بيان ذلك : أمّا في تلك المسألة فقد ذكرنا فيها أنّ العلم الاجمالي قد تعلق بالماهية المرددة بين لا بشرط وبشرط لا ، وهذا العلم الاجمالي غير قابل للانحلال حقيقة من هذه الناحية ، حيث إنّ تعلّقه بالماهية المزبورة مقوّم له ، فكيف يعقل أن يكون موجباً لانحلاله ، ولكن حيث إنّ الأصل لا يجري في أحد طرفي هذا العلم ـ وهو الاطلاق ـ فلا مانع من جريانه في طرفه الآخر ـ وهو التقييد ـ ومعه لا أثر لهذا العلم الاجمالي ، وهذا هو معنى انحلاله هناك حكماً ، ومردّ هذا الانحلال إلى التفكيك بين أجزاء الواجب الواحد في مرحلة التنجيز بعد عدم إمكان التفكيك بينها في مرحلتي السقوط والثبوت أصلاً.
وأمّا في مسألتنا هذه : فبما أنّ المكلف يعلم بوجوب الوضوء تفصيلاً وإن لم يعلم أنّه لنفسه أو لغيره ، فلا يمكن له الرجوع إلى البراءة عنه ، لعلمه باستحقاق العقاب على تركه على كلا التقديرين. وأمّا وجوب الصلاة فبما أنّه لا يعلم به فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عنه : الشرعية والعقلية ، لعدم قيام بيان عليه ، ومعه لا محالة يكون العقاب على تركها عقاباً من دون بيان ، ولا تعارض أصالة البراءة عنه أصالة البراءة عن وجوب الوضوء نفسياً ، حيث إنّه مشكوك فيه ، وذلك لما عرفت من عدم جريانها في طرف الوضوء من ناحية العلم بوجوبه على كل تقدير واستحقاق العقاب على تركه كذلك ، فإذن لا مانع من جريانها في طرف الصلاة بناءً على ما حققناه من أنّ تنجيز العلم الاجمالي يرتكز على تعارض الاصول في أطرافه ومع عدمه فلا أثر له ، وبما أنّ في المقام لا تعارض بين الأصلين فلا يكون منجّزاً.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ العلم الاجمالي بوجوب نفسي مردد بين تعلقه بالوضوء أو الصلاة وإن لم ينحل حقيقة ، إلاّ أنّه ينحل حكماً من ناحية عدم