فالنتيجة : أنّه لا يمكن التفصي عن هذا الاشكال بناءً على حصر عبادية الطهارات الثلاث بأوامرها النفسية ، بل إنّ لازم ذلك هو بطلان صلاة من يعتقد بعدم استحباب الوضوء في نفسه ، فإنّه إذا كان معتقداً بعدم استحبابه امتنع قصد امتثاله ولو ضمناً وارتكازاً ، وبدونه يقع الوضوء باطلاً فتبطل الصلاة ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.
ثمّ إنّ شيخنا الاستاذ قدسسره (١) أجاب عن أصل الاشكال ، وحاصل ما أفاده قدسسره هو أنّه لا وجه لحصر منشأ عبادية الطهارات الثلاث في الأمر الغيري والأمر النفسي الاستحبابي ليرد الاشكال على كل منهما ، بل هناك منشأ ثالث وهو الموجب لعباديتها ، بيان ذلك : أنّ الأمر النفسي المتعلق بالصلاة مثلاً كما ينحل إلى أجزائها فيتعلق بكل جزء منها أمر نفسي ضمني وهو الموجب لعباديته فلا يسقط إلاّبقصد التقرب به ، فكذلك ينحل إلى شرائطها وقيودها ، فيتعلق بكل شرط منها أمر نفسي ضمني وهو الموجب لعباديته. فالنتيجة أنّ الموجب للعبادية في الأجزاء والشرائط واحد.
ثمّ أورد على نفسه : بأنّ لازم ذلك هو القول بعبادية الشرائط مطلقاً من دون فرق بين الطهارات الثلاث وغيرها ، لفرض أنّ الأمر النفسي تعلق بالجميع على نحو واحد ، فإذن ما هو الفارق بينها وبين غيرها من الشرائط. وأجاب عن ذلك : بأنّ الفارق بينهما هو أنّ الغرض من الطهارات الثلاث ـ وهو رفع الحدث ـ لايحصل إلاّ إذا أتى المكلف بها بقصد القربة دون غيرها من الشرائط ، ولا مانع من اختلاف الشرائط في هذه الناحية ، بل لا مانع من اختلاف الأجزاء كذلك في مرحلة الثبوت وإن لم يتفق ذلك في مرحلة الاثبات.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٥٥.