وعليه فعند عروض الوجوب يتبدل الجواز بعدمه.
وإن شئت قلت : إنّ الأمر الغيري إن تعلق بها بداعي أمرها الاستحبابي ، كان متعلق أحدهما غير ما تعلق به الآخر ، وإن تعلق بذواتها ، فعندئذ وإن كان متعلقهما واحداً إلاّ أنّك عرفت أنّه لا تنافي بينهما ولا يوجب زوال الاستحباب بالمرة.
الثالث : أنّ الأمر النفسي الاستحبابي المتعلق بها كثيراً ما يكون مغفولاً عنه ولا سيّما للعامي ، بل ربّما يكون الشخص معتقداً عدمه باجتهاد أو تقليد أو نحو ذلك ، ومع هذا يكون الاتيان بها بداعي التوصل بأمرها الغيري صحيحاً ، فلو كان منشأ عباديتها ذلك الأمر النفسي لم تقع صحيحة.
وقد أجاب في الكفاية (١) عن هذا الاشكال : بأنّ الأمر الغيري لا يدعو إلاّ إلى ما هو المقدمة ، والمفروض في المقام أنّ ما هو المقدمة عبارة عن الطهارات الثلاث المأمور بها بالأمر النفسي ، فيكون قصد امتثال هذا الأمر النفسي حاصلاً ضمناً عند قصد امتثال الأمر الغيري وإن لم يلتفت المكلف إلى هذا الأمر تفصيلاً فضلاً عن قصده.
وفيه : أنّ ما أفاده قدسسره من الجواب غير تام ، والسبب في ذلك هو أنّ قصد الأمر النفسي لو كان مقوّماً للمقدمية لم يعقل تحققها مع الغفلة عنه رأساً ، مع أنّه لا شبهة في تحقق الطهارات الثلاث مع القطع بعدم الأمر النفسي لها. على أنّ لازم ذلك هو الحكم بصحة صلاة الظهر إذا أتى المكلف بها بقصد أمرها الغيري ومقدمةً لصلاة العصر مع الغفلة عن وجوبها في نفسه ، وهو ضروري الفساد.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١١.