وملخصه هو : أنّ ملاك الوجوب الغيري لو كان قائماً بخصوص ما يترتب عليه الواجب النفسي خارجاً ، فلا بدّ من القول باختصاص الوجوب بخصوص السبب دون غيره كما عن صاحب المعالم قدسسره وهذا ممّا لم يلتزم به صاحب الفصول قدسسره ، وإن كان ملاكه مطلق التوقف والمقدمية فهو مشترك فيه بين تمام أقسام المقدمات ، وعندئذ فلا موجب للتخصيص بخصوصها.
وغير خفي أنّ ملاك الوجوب الغيري قائم بخصوص ما يكون توأماً وملازماً لوجود الواجب في الخارج من ناحية وقوعه في سلسلة مبادئ وجوده بالفعل ، لا بمطلق المقدمة وإن لم تقع في سلسلتها ، ولا بخصوص الأسباب التوليدية ، فالطهارة من الحدث أو الخبث مثلاً إن وقعت في سلسلة مبادئ وجود الصلاة في الخارج فهي واجبة وإلاّ فلا ، مع أنّها ليست من الأسباب التوليدية بالاضافة إلى الصلاة.
الثالثة : ما جاء به المحقق صاحب الكفاية ( قدسسره ) (١) من أنّ الغرض الداعي إلى إيجاب المقدمة إنّما هو تمكن المكلف من الاتيان بذيها ، نظراً إلى أنّه لايتمكّن من الاتيان به ابتداءً بدون الاتيان بها ، ومن المعلوم ترتب هذا الغرض على مطلق المقدمة دون خصوص الموصلة منها.
والجواب عنه : أنّ هذا ليس الغرض من إيجاب المقدمة ، ضرورة أنّ التمكن من الاتيان بذيها ليس من آثار الاتيان بها ، بل هو من آثار التمكن من الاتيان بالمقدمة ، لوضوح أنّه يكفي في التمكن من الاتيان بالواجب النفسي وامتثاله التمكن من الاتيان بمقدمته ، فانّ المقدور بالواسطة مقدور. أضف إلى ذلك : أنّ القدرة على الواجب لو كانت متوقفة على الاتيان بالمقدمة لجاز للمكلف تفويت الواجب بترك مقدمته ، بداهة أنّ القدرة ليست بواجبة التحصيل. فالنتيجة : أنّ
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٥.