الثانية : هل هذه المسألة من المسائل الاصولية أو الفقهية أو المبادئ الأحكامية؟ قالوا في ذلك وجوهاً :
١ ـ إنّها من المسائل الفقهية ، بدعوى أنّ البحث فيها عن ثبوت الحرمة لضدّ الواجب ، وعدم ثبوت الحرمة له ، وهذا بحث فقهي لا اصولي.
ويدفعه : ما ذكرناه في أوّل بحث الاصول من أنّ هذا التوهم قد ابتنى على كون البحث بحثاً عن حرمة الضد ابتداءً ، لتكون المسألة فقهية ، إلاّ أنّ الأمر ليس كذلك ، فانّ البحث فيها عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضدّه ، وعدم ثبوتها ، ومن الواضح أنّ البحث عن هذه الناحية ليس بحثاً فقهياً له صلة بأحوال فعل المكلف وعوارضه بلا واسطة.
٢ ـ إنّها من المبادئ الأحكامية.
ويدفعه أيضاً : ما ذكرناه في بحث مقدمة الواجب (١) من أنّ المبادئ لا تخلو من التصورية والتصديقية ولا ثالث لهما ، والمبادئ التصورية هي لحاظ ذات الموضوع أو المحمول وذاتياتهما ، ومن الواضح أنّ البحث عن مسألة الضد لايرجع إلى ذلك. والمبادئ التصديقية هي المقدمة التي يتوقف عليها تشكيل القياس ، ومنها المسائل الاصولية ، فانّها مبادئ تصديقية بالاضافة إلى المسائل الفقهية ، لوقوعها في كبرى قياساتها التي تستنتج منها تلك المسائل والأحكام ، ولا نعقل المبادئ الأحكامية في مقابل المبادئ التصورية والتصديقية.
٣ ـ وهو الصحيح ، أنّها من المسائل الاصولية العقلية.
أمّا كونها من المسائل الاصولية : فلما قدّمناه في أوّل بحث الاصول (٢) من
__________________
(١) في ص ١١٣.
(٢) راجع المجلد الأوّل من هذا الكتاب ص ٤ ـ ٩.