جهة المانع وهو صلابة ذلك الجسم ، لوجود المقتضي المقارن مع شرطه.
وأمّا إذا فرض أنّ النار موجودة ، ولكن الجسم القابل للاحتراق لم يكن مماساً لها ، أو أنّ اليد الضاربة كانت قوية ولكن السيف لم يكن حاداً ، فعدم المعلول عندئذ لا محالة يستند إلى عدم الشرط ، لا إلى وجود المانع ، فالمانع في هذه اللحظة يستحيل أن يتصف بالمانعية فعلاً ، فان أثره المنع عن فعلية تأثير المقتضي ، ولا أثر له في ظرف عدم تحقق الشرط.
وكذلك إذا لم تكن النار موجودة ، أو كانت اليد الضاربة ضعيفة جداً أو مشلولة ، فعدم المعلول عندئذ لا محالة يستند إلى عدم مقتضيه ، لا إلى عدم المماسة أو الرطوبة ، أو إلى عدم حدّة السيف ، أو صلابة الجسم كل ذلك لم يكن.
وهذا من الواضحات خصوصاً عند المراجعة إلى الوجدان ، فانّ الانسان إذا لم يشته أكل طعام فعدم تحققه يستند إلى عدم المقتضي ، وإذا اشتهاه ولكن لم يجد الطعام فعدم الأكل يستند إلى عدم الشرط ، وإذا كانت الشروط متوفرة ولكنّه منع عن الأكل مانع ، فعدمه يستند إلى وجود المانع وهكذا.
وبعد بيان ذلك نقول : إنّه يستحيل أن يكون وجود أحد الضدّين مانعاً عن وجود الضدّ الآخر ، لما سبق من أنّ المانع إنّما يتصف بالمانعية في لحظة تحقق المقتضي مع بقية الشرائط.
ومن الواضح البيّن أنّ عند وجود أحد الضدّين يستحيل ثبوت المقتضي للضدّ الآخر ، ليكون عدمه مستنداً إلى وجود ضدّه ، لا إلى عدم مقتضيه ، والوجه في ذلك : هو أنّ المضادة والمنافرة بين الضدّين والمعلولين تستلزم المضادة والمنافرة بين مقتضييهما ، فكما يستحيل اجتماع الضدّين في الخارج ، فكذلك يستحيل اجتماع مقتضييهما فيه ، لأنّ اقتضاء المحال محال.