فالنتيجة لحدّ الآن قد أصبحت : أنّ التمسك بقياس المساواة إنّما يصح في التقدم الزماني ، فانّ ما هو مع المتقدم بالزمان متقدم لا محالة ، دون ما إذا كان التقدم في الرتبة.
وقد عرفت أنّ غرض المحقق صاحب الكفاية قدسسره ليس التمسك بقياس المساواة لاثبات نفي المقدمية والتقدم لعدم أحد الضدّين للضدّ الآخر ، ليرد عليه ما بيّناه ، بل غرضه ما ذكرناه سابقاً. هذا غاية توجيه لما أفاده قدسسره في المقام.
وقد ظهر من ضوء بياننا هذا أمران :
الأوّل : بطلان ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره من التمسك لاثبات كون عدم أحد الضدّين في مرتبة الضدّ الآخر ، بقياس المساواة. وقد تقدّم (١) بيانه مع جوابه مفصلاً فلا حاجة إلى الاعادة.
الثاني : بطلان ما أفاده شيخنا المحقق قدسسره من أنّ المعية في الرتبة كالتقدم أو التأخر الرتبي لا بدّ أن تكون ناشئة من ملاك وجودي ، فلا يكفي فيها انتفاء ملاك التقدم أو التأخر ، والوجه في ذلك : ما عرفت من أنّ التقدم أو التأخر لا بدّ أن يكون ناشئاً من ملاك وجودي موجب له ، وأمّا المعية في الرتبة فلا.
والسر في ذلك : أنّ كل شيء إذا قيس على غيره ولم يكن بينهما ملاك التقدم والتأخر فهو في رتبته لا محالة ، إذ لا نعني بالمعية في الرتبة إلاّعدم تحقق موجب التقدم والتأخر بينهما ، ضرورة أنّها لا تحتاج إلى ملاك آخر غير عدم وجود ملاك التقدم والتأخر ، فكل ما لم يكن متقدماً على شيء ولا متأخراً عنه في
__________________
(١) في ص ٣٠٠.