الأشياء الكونية ، وقد صارت عمومية تلك القوة في يومنا هذا من الواضحات ، وقد أودعها الله ( سبحانه وتعالى ) في صميم هذه الكرة الأرضية للتحفظ على الكرة وما عليها على وضعها ونظامها الخاص ، في حين أنّها تتحرك في هذا الفضاء الكوني بسرعة هائلة.
وعلى الجملة : فبقاء تلك الظواهر والموجودات الممكنة واستمرار وجودها في الخارج معلول لخصائص تلك المواد الطبيعية المحافظة على هذه الظاهرة من ناحية ، والقوة الجاذبة من ناحية اخرى.
فبالنتيجة : المحافظ على الموجودات الطبيعية على وضعها الخاص وموضعها المخصوص ، هي خصائصها والجاذبية التي تخضع تلك الظواهر لها ، ولا تملك حريتها حدوثاً وبقاءً. إذن فلا وجه لتوهم أنّ تلك الظواهر في بقائها واستمرار وجودها مالكة لحريتها ولا تخضع لمبدأ وسبب.
ونتيجة ذلك نقطتان متقابلتان :
الاولى : بطلان نظرية أنّ سرّ الحاجة إلى العلة هو الحدوث ، لأنّ تلك النظرية مبنية على أساس عدم فهم معنى العلية فهماً صحيحاً وتحديد حاجة الأشياء إلى العلة في إطار خاص ونطاق مخصوص لا يطابق مع الواقع.
الثانية : صحّة نظرية أنّ سرّ الحاجة إلى العلة هو إمكان الوجود ، فان تلك النظرية قد ارتكزت على أساس فهم معنى العلية فهماً صحيحاً مطابقاً للواقع ، وأنّ حاجة الأشياء إلى المبدأ كامنة في صميم وجودها فلا يمكن أن نتصور وجوداً متحرراً عن ذلك المبدأ.
وقد تلخّص : أنّ الأشياء ـ بشتّى ألوانها وأشكالها ـ خاضعة للمبدأ الأوّل خضوعاً ذاتياً ، وهذا لا ينافي أن يكون تكوينها وإيجادها بمشيئة الله تعالى