وإعمال قدرته كما فصّلنا الحديث ـ من هذه الناحية ـ في بحث الطلب والارادة (١) وقد وضعنا هناك الحجر الأساسي للفرق بين زاوية الأفعال الاختيارية وزاوية المعاليل الطبيعية.
ثمّ إنّا لو تنزلنا عن ذلك وسلّمنا صحة نظرية أنّ منشأ الحاجة هو الحدوث في الموجودات التكوينية ، وأ نّها تملك حريتها في البقاء ولا تخضع لمبدأ ، إلاّ أنّها بديهية البطلان في الأفعال الاختيارية التي هي محل الكلام في المسألة ، ضرورة أنّ الفعل الاختياري يستحيل بقاؤه بعد ارتفاع الارادة والاختيار. إذن لا وجه للتفصيل بين الضدّ الموجود والمعدوم.
ويجدر بنا أن نختم الحديث عن مقدمية عدم الضد للضد الآخر وعدم مقدميته ، وقد عرفت استحالة مقدميته ، هذا بحسب الصغرى.
وأمّا الكبرى : وهي وجوب مقدمة الواجب ، فقد تقدّم الكلام فيها ، وقلنا هناك إنّه لا دليل على ثبوت الملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدمته ، وما ذكروه من الأدلة على ذلك قد ناقشناها واحداً بعد واحد ، بل ذكرنا هناك ـ مضافاً إلى أنّ الوجدان حاكم بعدم ثبوت الملازمة بينهما ـ أنّ إيجاب المقدمة شرعاً لغو محض فلا يترتب عليه أثر أصلاً.
__________________
(١) في المجلّد الأوّل من هذا الكتاب ص ٤٠٠.