فرد منه في الخارج بغير اختياره وإرادته ، لانطباق الجامع عليه وحصول الغرض القائم بمطلق وجوده به ، ولا يفرق بينه وبين الفرد الصادر منه باختياره وإرادته في حصول الغرض وسقوط التكليف ، لأنّ مناط ذلك انطباق الطبيعي المأمور به على الفرد الخارجي ، وهو مشترك فيه بين الفرد الصادر منه بالاختيار والصادر منه بغيره.
وقد تبيّن لحدّ الآن أنّه لا مانع من تعلّق التكليف بالجامع بين الحصة المقدورة وغيرها أصلاً.
أضف إلى ذلك : ما تقدّم آنفاً من أنّا لو سلّمنا أنّ منشأ اعتبار القدرة اقتضاء نفس التكليف ذلك الاعتبار ، لم يكن مقتضٍ لاختصاص المتعلق بخصوص الحصة الاختيارية كما سبق ذلك بصورة مفصلة فلا حاجة إلى الاعادة.
وأمّا النقطة الثالثة : وهي أنّ الفرد المزاحم للواجب المضيّق تامّ الملاك مطلقاً حتّى على القول بالاقتضاء ، وأنّ قصد الملاك يكفي في وقوع الشيء عبادة ، فهي تتوقف على إثبات هاتين المقدمتين : إحداهما : كبرى القياس ، والاخرى : صغراه.
أمّا المقدمة الاولى : وهي كبرى القياس ، فلا إشكال فيها ، وذلك لما حققناه في بحث التعبدي والتوصلي (١) من أنّ المعتبر في صحة العبادة هو قصد القربة بأيّ وجه تحقق ، سواء أتحقق في ضمن قصد الأمر ، أو قصد الملاك ، أو غير ذلك من الدواعي القربية. ولا دليل على اعتبار قصد الأمر خاصة ، بل قام الدليل على خلافه ، كما فصلنا الحديث من هذه الناحية هناك.
وأمّا المقدمة الثانية : وهي صغرى القياس فقد استدلّ عليها بوجوه :
__________________
(١) في المجلّد الأوّل من هذا الكتاب ص ٥٤٢.