ونزيدك هنا إلى ذلك : أنّ متعلق الحكم على مسلكه قدسسره خصوص الحصة المقدورة دون الأعم منها ومن غيرها ، وعليه فلا يعقل أن يكون الحكم كاشفاً عن وجود الملاك في الأعم منها ، بداهة أنّ المعلول إنّما يكشف عن وجود علته بمقدار سعته دون الزائد ، مثلاً الحرارة الناشئة من النار إنّما تكشف عنها خاصة ، لا عن مطلق سببها ، وقد تقدّم أنّ الكاشف عن وجود ملاك في فعل هو كونه متعلقاً لارادة المولى واقعاً وجدّاً ، ولا اثر لتعلق الارادة الانشائية به أصلاً. إذن ما أفاده قدسسره من أنّ هذا الكشف عقلي لا يدور مدار كون المولى في مقام البيان ، لا يرجع إلى معنىً صحيح ، فان كشف الحكم عن الملاك بمقدار ما تعلّق به دون الزائد ، وهذا واضح.
فالنتيجة من جميع ما ذكرناه : أنّه لا يتم شيء من هذه الوجوه ، وعليه فلا يمكن تصحيح الفرد المزاحم بالملاك.
وأمّا الخط الرابع : فقد ظهر فساده ممّا ذكرناه ، فانّه على مسلك شيخنا الاستاذ قدسسره صالح لأن يكون قرينة على التقييد ، وعليه فيكون مانعاً عن التمسك بالاطلاق كما عرفت. نعم ، على مسلكنا لا يكون مانعاً عنه ، فلو كان المولى في مقام البيان من تلك الناحية فلا مانع من التمسك باطلاق كلامه لاثبات أنّ الفرد المشكوك فيه واجد للملاك.
وأمّا الخط الخامس : فالأمر كما أفاده قدسسره فان لزوم نقض الغرض لا دخل له في مقدمات الحكمة ، فانّها تتألف من ثلاث مقدمات لا رابع لها. إحداها : أن يرد الحكم على المقسم والجامع ، لا على حصة خاصة منه. وثانيتها : أن يكون المتكلم في مقام البيان. وثالثتها : أن لا ينصب المتكلم قرينة على التقييد. فإذا تمّت هذه المقدمات جاز التمسك بالاطلاق ، ولا يتوقف على شيء آخر زائداً عليها ، فانّه لو كان مراد المتكلم في الواقع هو المقيد ومع ذلك