الخصوصيات فيه واقعاً من الخصوصيات المنوّعة أو المصنّفة أو المشخّصة ، أو مقيّد بإحداها ، فلا ثالث ، لاستحالة الاهمال في الواقعيات ، فالملتفت إلى هذه الخصوصيات والانقسامات إمّا أن يلاحظه مطلقاً بالاضافة إليها أو مقيّداً بها ، لأنّ الاهمال في الواقع غير معقول ، فلا يعقل أن يكون في الواقع لا مطلقاً ولا مقيداً. وعلى هذا فمعنى إطلاق الواجب المزبور هو عدم دخل شيء من تلك الخصوصيات فيه ، بحيث لو تمكن المكلف من إيجاده في الخارج عارياً عن جميع الخصوصيات والمشخصات المزبورة لكان مجزئاً ، لأنّه أتى بالمأمور به في الخارج ، وهذا معنى الاطلاق كما ذكرناه في بحث تعلّق الأوامر بالطبائع. ونتيجة ذلك هي أنّ الواجب الموسّع مطلق بالاضافة إلى الفرد المزاحم ، كما هو مطلق بالاضافة إلى غيره من الأفراد.
وعلى ذلك الأساس ، فلا تنافي بين إطلاق الموسّع وفعلية خطاب المضيق.
ومن هنا ذكرنا سابقاً أنّه لا منافاة بين وجوب الصلاة مثلاً في مجموع وقتها ـ وهو ما بين الزوال والمغرب ـ وبين وجوب واجب آخر كانقاذ الغريق أو إزالة النجاسة عن المسجد في بعض ذلك الوقت ، إذ المفروض أنّ الوجوب تعلّق بصرف وجود الصلاة في مجموع هذه الأزمنة ، لا في كل زمان من تلك الأزمنة لينافي وجوب واجب آخر في بعضها. فبالنتيجة : أنّه لا مضادة ولا ممانعة بين إطلاق الموسّع ووجوب المضيّق أصلاً ، ولذلك صحّ الاتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر المتعلق بصرف وجود الواجب ، فلا حاجة عندئذ إلى القول بالترتب أصلاً ، فإذن لا وجه لدخول هذا القسم في محلّ الكلام والنزاع. وقد تقدّم الحديث من هذه الناحية بصورة أوضح من ذلك فلا حاجة إلى الاعادة.
وأمّا الصورة الثالثة : وهي ما إذا كان التزاحم بين واجبين مضيقين : أحدهما أهم من الآخر ، فهي القدر المتيقن من مورد النزاع والكلام بين الأصحاب كما