أمّا الدعوى الاولى : فلما سبق من أنّ الترتب لا يتوقف على إحراز الملاك في المهم ، فإنّك قد عرفت أنّه لا يمكن إحرازه فيه مع سقوط الأمر حتّى فيما إذا كانت القدرة المأخوذة فيه عقلية فضلاً عمّا إذا كانت شرعية ، فبالنتيجة أنّه لا فرق في جريان الترتب بين ما كانت القدرة معتبرة فيه عقلاً وما كانت معتبرة شرعاً ، فلو كان الترتب متوقفاً على إحراز الملاك في المهم لم يمكن الالتزام به على كلا التقديرين.
وأمّا الدعوى الثانية : فقد عرفت أنّه لا تنافي بين الأمرين أصلاً ، إذا كان الأمر بالمهم مشروطاً بعدم الاتيان بالأهم وعصيان أمره ، بل بينهما كمال الملاءمة ، فلو كان بين الأمرين تنافٍ في هذا الفرض ، أعني فرض الترتب ، فلا يمكن الالتزام به مطلقاً حتّى فيما إذا كان اعتبار القدرة فيه عقلياً.
فقد تبين من مجموع ما ذكرناه : أنّ ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره لا يمكن المساعدة عليه ، هذا تمام كلامنا في المثال الأوّل وما شاكله.
وأمّا المثال الثاني وما يشبهه : وهو ما إذا دار الأمر بين صرف الماء في الوضوء أو الغسل وصرفه في تطهير الثوب أو البدن ، كما إذا كان بدنه أو ثوبه نجساً ولم يكن عنده من الماء بمقدار يكفي لكلا الأمرين من رفع الحدث والخبث معاً ، فلا يجري فيه الترتب ، ولكن لا من ناحية ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من أنّ التزاحم لا يجري فيما إذا كان أحد الواجبين مشروطاً بالقدرة شرعاً والآخر مشروطاً بها عقلاً ، وبما أنّ وجوب الوضوء في المقام مشروط بالقدرة شرعاً ووجوب إزالة الخبث عن البدن أو الثوب مشروط بها عقلاً ، فلا تزاحم بينهما ، لعدم ملاك للوضوء في أمثال هذه الموارد ، وذلك لما تقدّم من أنّ ما أفاده قدسسره غير تام ، بل من جهة أنّ هذا وغيره من الأمثلة غير داخل في كبرى التزاحم ، ولا يجري عليه شيء من أحكامه ، وسنتعرض له فيما