نفسه ومتعلق لأمر نفسي استحبابي ، سواء أكان مقدمة لواجب كالصلاة أو نحوها أم لم يكن ، ولذلك قلنا إنّه يعتبر في صحته قصد القربة ، وعلى ذلك فلا مانع من الالتزام بتعلق أمره الاستحبابي النفسي به من جهة الترتب ، وسيجيء فيما بعد إن شاء الله تعالى أنّه لا فرق في جريان الترتب على القول بامكانه بين الأمر الوجوبي والأمر الاستحبابي ، فكما أنّ الترتب يجري في مزاحمة واجب مع واجب أهم ، فكذلك يجري في مزاحمة مستحب مع واجب ، غاية الأمر أنّ إطلاق الأمر الاستحبابي قد سقط حين المزاحمة ، ولكن لا مانع من الالتزام بثبوت أصله على تقدير عدم الاتيان بالواجب ومخالفة أمره ، إذ لا تنافي بين الأمرين حينئذ ، فرفع اليد عن أصل الأمر الاستحبابي بلا موجب.
ونتيجة ذلك : هي أنّ ملاك صحة الترتب وإمكانه ـ وهو عدم التنافي بين الأمرين وأنّ الساقط هو إطلاق الخطاب دون أصله ـ مشترك فيه بين الأمر الوجوبي والاستحبابي ، ومن هنا ذكرنا في حاشية العروة أنّ الأقوى صحة الوضوء أو الغسل في هذا الفرع وما يشبهه.
وبعد بيان ذلك نقول : إنّ مسألة الترتب ليست من المسائل المعنونة في كلمات الأصحاب إلى زمان الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدسسره وهو أوّل من تعرّض لهذه المسألة (١) ، ولكنّ المسألة في زماننا هذا قد أصبحت معركة للآراء بين المحققين من الأصحاب ، فمنهم من ذهب إلى صحة تلك المسألة وإمكانها ، كالسيد الكبير العلاّمة الميرزا الشيرازي قدسسره (٢) وأكثر تلامذته. ومنهم من ذهب إلى استحالتها كشيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره (٣) والمحقق
__________________
(١) كشف الغطاء : ٢٧.
(٢) نسبه إليه في الكفاية : ١٣٦.
(٣) فرائد الاصول ٢ : ٥٢٤.