والصحيح أنّ الرافع لموضوع وجوب الخمس هنا إنّما هو نفس وجوب الدين ، إذ معه لا يتحقق له في هذه السنة ربح ليتعلق به الخمس ، لا الخطاب بأدائه ، فانّه لا دخل له في ذلك أصلاً ، ولذا لو فرض أنّه لم يكن خطاب بأدائه لمانع من الموانع لم يتعلق به الخمس أيضاً ، لعدم الموضوع له ، وهو الفاضل عن مؤونة السنة. هذا إذا كان دينه من جهة الصرف في المؤونة. وأمّا إذا كان دينه من غير تلك الجهة ، كما إذا كان من ناحية الضمان أو نحوه ، فهل هو أيضاً رافع لموضوع وجوب الخمس أم لا ، ففيه كلام وإشكال ، وتمام الكلام في باب الخمس (١) إن شاء الله تعالى.
وقد تحصّل ممّا ذكرناه : أنّ هذه الفروعات وما شاكلها جميعاً خارجة عن محل الكلام في المسألة ، ولا يجري الترتب في شيء منها ، ولكن لا من ناحية ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من أنّ عدم جريانه من جهة أنّ أحد الخطابين رافع لموضوع الخطاب الآخر بصرف وجوده وتحققه ، فلا يمكن اجتماعهما في زمان واحد ، بل لما ذكرناه من أنّ الرافع له شيء آخر ، وهو المانع عن اجتماعهما في زمان واحد ، ولا دخل لوجود الخطاب وعدمه في ذلك أبداً.
نعم ، ما ذكره قدسسره بالاضافة إلى الأمارات وأ نّها رافعة لموضوع الاصول وأ نّه لا يبقى مجال لجريانها بعد ورودها صحيح ، بل لا يختص هذا بالأمارات والاصول ، فيعم جميع موارد الحكومة والورود ، إذ لا يبقى موضوع لدليل المحكوم والمورود بعد ورود دليل الحاكم والوارد ، ولكن قياس هذه الفروعات بتلك الموارد قياس مع الفارق.
ونتائج أبحاث الترتب إلى هنا عدّة نقاط :
__________________
(١) شرح العروة ٢٥ : ٢٦٩ ذيل المسألة ٧١ [٢٩٤٧].