ثمّ إنّه لا أظن أن يلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق في صورة مخالفة الأمرين لعقوبتين ، ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد ، ولذا كان سيّدنا الاستاذ قدسسره لا يلتزم به على ما هو ببالي وكنّا نورد به على الترتب وكان بصدد تصحيحه (١).
أقول : توضيح ما أفاده قدسسره هو أنّ غرضه من ذلك بيان نفي القول بالترتب بطريق الإن بتقريب : أنّا لو سلّمنا أنّه لا يلزم من فعلية خطاب المهم وخطاب الأهم في زمان واحد على نحو الترتب طلب الجمع بين متعلقيهما في الخارج ، بل قلنا إنّ ترتب أحد الخطابين على عصيان الخطاب الآخر وعدم الاتيان بمتعلقه يناقض طلب الجمع ويعانده ، إلاّ أنّه لا يمكن الالتزام بما هو لازم للقول بالترتب وهو تعدد العقاب عند ترك المكلف امتثال كلا الواجبين معاً ـ أعني الواجب الأهم والمهم ـ ضرورة أنّ العقاب على ما لا يقدر عليه المكلف قبيح بحكم العقل ، وبما أنّ المفروض في المقام استحالة الجمع بين متعلقيهما خارجاً من جهة مضادتهما ، فكيف يمكن العقاب على تركهما ، أليس هذا من العقاب على ترك ما هو خارج عن قدرة المكلف واختياره.
وعلى هذا ، فلا مناص من الالتزام بعدم تعدد العقاب وأنّ تارك الأهم والمهم معاً يستحق عقاباً واحداً ، وهو العقاب على ترك الأهم دون ترك المهم ، وهو يلازم انكار الترتب وعدم تعلق أمر مولوي إلزامي بالمهم ، وإن كان في الخارج أمر إنشائي ، فهو إرشاد إلى كونه واجداً للملاك والمحبوبية في هذه الحال ، ضرورة أنّه لا معنى للالتزام بوجود الأمر المولوي الالزامي وعدم ترتب استحقاق العقاب على مخالفته ، لاستحالة تفكيك الأثر عن المؤثر.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٣٦.