ووجد في الخارج فهو مسقط للأمر ، ولكن الشأن ليس كذلك ، والوجه فيه : هو أنّا إذا حلّلنا مسألة سقوط الأمر تحليلاً علمياً نرى أنّ الموجب لسقوطه أمران لا ثالث لهما :
الأوّل : امتثاله والاتيان بمتعلقه في الخارج ، هذا باعتبار أنّ ذلك موجب لحصول الغرض منه ، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ الأمر معلول للغرض الداعي له حدوثاً وبقاءً ، فمع تحقق الغرض في الخارج لا يعقل بقاء الأمر ، وإلاّ لزم بقاء الأمر بلا غرض ، وهو كبقاء المعلول بلا علة محال. فالنتيجة : أنّ الامتثال والاتيان بمتعلقه خارجاً إنّما يوجب سقوط الأمر باعتبار حصول الغرض بذلك وانتهاء أمد اقتضائه بوجود مقتضاه ـ المأمور به ـ في الخارج ، لا أنّ الامتثال في نفسه يقتضي سقوط الأمر وعدمه ، بداهة أنّ الامتثال معلول للأمر فلا يعقل أن يكون معدماً له ، لاستحالة أن يكون وجود المعلول خارجاً علة لعدم وجود علته ، ووجود المقتضى ـ بالفتح ـ علة لعدم مقتضيه.
وعلى الجملة : فامتثال الأمر والاتيان بمتعلقه خارجاً بما أنّه يوجب حصول الغرض يكون مسقطاً له لا محالة ، فانّ أمد اقتضائه لايجاد متعلقه خارجاً ينتهي بوجوده وتحققه في الخارج ، وبعده لا اقتضاء له أبداً.
الثاني : امتناع الامتثال وعدم تمكن المكلف منه ، فانّه يوجب سقوط الأمر لا محالة ، لقبح توجيه التكليف نحو العاجز. ولا يفرق في ذلك بين أن يكون عدم تمكن المكلف من ناحية ضيق الوقت أو من ناحية مانع آخر.
فالنتيجة قد أصبحت : أنّ الأمر بما أنّه تابع للغرض الداعي له حدوثاً وبقاءً ، فمع تحقق هذا الغرض ووجوده لا يعقل بقاء الأمر ، وإلاّ لزم بقاء المعلول بلا علة ، كما أنّه مع امتناع حصول هذا الغرض في الخارج من جهة عدم تمكن المكلف من تحصيله ، لعجزه عن الامتثال والاتيان بالمأمور به لا يعقل بقاء