من طرف واحد ، ومن الطرفين ـ يشتركان في ملاك إمكان الترتب واستحالته ، فان ملاك الامكان هو أنّ اجتماع الأمرين كذلك في زمان واحد لا يستلزم طلب الجمع ، وملاك الاستحالة هو أنّ اجتماعهما كذلك يستلزم طلبه ، والمفروض أنّ الأمرين مجتمعان في زمان واحد ، لما عرفت من أنّ الأمر ثابت حالتي وجود متعلقه وعدمه فلا يسقط بمجرّد تركه ، كما أنّه لايسقط بصرف الاشتغال بالآخر. نعم ، يسقط بعد الاتيان به ، لفرض أنّ وجوب كل منهما مشروط بعدم الاتيان بالآخر ، فلا محالة لا وجوب بعد الاتيان به ، وعلى كل حال فهو قدسسره قد التزم بالترتب في تعارض الخبرين بناءً على السببية غافلاً عن كون هذا ترتباً مستحيلاً في نظره.
ومن هنا قلنا إنّ مسألة إمكان الترتب مسألة ارتكازية وجدانية ، ولا مناص من الالتزام بها ، ولذا قد يلتزم بها المنكر لها بشكل آخر وببيان ثانٍ غافلاً عن كونه ترتباً ، مع أنّه هو في الواقع وبحسب التحليل.
وأمّا شيخنا الاستاذ قدسسره (١) فقد أورد على ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدسسره في المسألة ـ صحّة الجهر في موضع الاخفات وبالعكس جهلاً ـ من ناحية اخرى ، ونحن وإن تعرضنا المسألة في آخر بحث البراءة والاشتغال ودفعنا الاشكال عنها من دون حاجة إلى الالتزام بالترتب فيها ، إلاّ أنّ الكلام هنا يقع في الوجوه التي ذكرها شيخنا الاستاذ قدسسره في وجه عدم جريان الترتب فيها ، وأ نّها ليست من صغريات كبرى مسألة الترتب ، بيانها :
الأوّل : أنّ محل الكلام في جريان الترتب وعدم جريانه إنّما هو فيما إذا كان
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٩١.