الاضطرار على فرد من ذلك الطبيعي لا يوجب ارتفاع الحكم منه ، وذلك لأنّ ما طرأ عليه الاضطرار ـ وهو الفرد ـ لا حكم له على الفرض ، وما هو متعلق الحكم ـ وهو الطبيعي الجامع ـ لم يطرأ عليه الاضطرار كما هو المفروض ، فإذن لا مقتضي لوجوب التيمم أصلاً. فالنتيجة : أنّ حال الأفراد الطولية كحال الأفراد العرضية من هذه الناحية ، فكما أنّ طروء الاضطرار إلى بعض الأفراد العرضية لا يوجب سقوط التكليف عن الطبيعي الجامع بينها ، فكذلك طروؤه على بعض الأفراد الطولية ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة : أنّه لا إطلاق لأدلّة الأمر الاضطراري في محل الكلام ، ومن ضوء هذا البيان يظهر أنّه لا يجوز التمسّك بأصالة البراءة أيضاً ، وذلك لأنّ رفع الاضطرار في أثناء الوقت كما هو المفروض في المقام كاشف عن عدم تعلّق الأمر واقعاً بالفعل الاضطراري ، ليكون الاتيان به مجزئاً عن الواقع ، بل من الأوّل كان متعلقاً بالفعل الاختياري التام ، والمفروض عدم امتثاله ، فإذن لا نشك في وجوب الاتيان به لنتمسك بأصالة البراءة عنه.
وعلى الجملة : فما أتى به المكلف في الخارج من الفعل الاضطراري لا أمر به على الفرض ، وما كان متعلقاً للأمر لم يأت به ، فإذن كيف يشك في وجوب الاعادة. ومن ذلك تبيّن أنّه لا يجوز البدار هنا واقعاً ، بداهة أنّ جوازه كذلك ملازم للإجزاء ، ومن الطبيعي أنّ الإجزاء لا يمكن إلاّفي فرض وجود الأمر بالفعل الاضطراري واقعاً.
نعم ، قد ثبت جواز البدار في بعض الموارد بدليل خاص مع فرض تمكن المكلف من الفعل الاختياري التام في الوقت.
منها : موارد التقية حيث يجوز البدار فيها واقعاً وإن علم المكلف بارتفاعها في أثناء الوقت وتمكنه من العمل بلا تقيّة ، فيجوز له الوضوء تقيّة مع تمكنه منه