للآنية قطعاً ، بداهة أنّه استعمال للماء حقيقة وليس باستعمال لها بوجه ، وهذا واضح جداً.
ومن هنا ذهب كثير من الفقهاء إلى صحة الوضوء أو الغسل في صورة عدم انحصار الماء فيها كما عرفت ، ومن المعلوم أنّه إذا كان بنفسه تصرّفاً فيها ومصداقاً للمحرّم ، لم يكن وجه للقول بالصحة أبداً ، بناءً على حرمة التصرف فيها مطلقاً كما هو مختارهم ، لاستحالة كون المحرّم مصداقاً للمأمور به.
فالنتيجة : أنّ ما أفاده السيد قدسسره في المقام لايرجع إلى أساس صحيح.
بقي الكلام في أمر : وهو أنّ ما ذكرناه حول أواني الذهب والفضة يبتني على وجهة نظر المشهور من حرمة استعمال الآنيتين مطلقاً من دون اختصاصها بالأكل والشرب ، وعليه فحالهما حال الأواني المغصوبة.
وأمّا بناءً على القول بعدم حرمة سائر الاستعمالات من الوضوء والغسل وإزالة النجاسات وغيرها ممّا يعدّ عرفاً استعمالاً لهما ، فلا إشكال عندئذ في صحة الوضوء أو الغسل من الآنيتين مطلقاً ولو كان ارتماسياً.
وقد ذكرنا في بحث الفقه (١) أنّ القول بذلك لا يخلو عن وجه ، والوجه في ذلك ملخصاً : أنّ جميع ما استدلّوا به على حرمة غير الأكل والشرب من الاستعمالات يرجع إلى وجوه ثلاثة وكلّها قابل للمناقشة :
الأوّل : الاجماع كما ادّعاه غير واحد منهم. ويردّه : مضافاً إلى أنّه لم يثبت في نفسه لاقتصار جماعة على خصوص الأكل والشرب وعدم تعرّضهم لغيرهما ، أنّه اجماع منقول لم يقم دليل على اعتباره كما ذكرناه في محلّه (٢). على أنّه محتمل
__________________
(١) شرح العروة ٤ : ٢٨٢.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ١٥٦.