كانت في الظاهر محكومة بالصحة ويترتب عليها آثارها ، إلاّ أنّها باطلة في الواقع ، لوقوعها في النجس ، وعليه فإذا انكشف الخلاف انكشف أنّها فاقدة للشرط من الأوّل ، وأ نّه لم يأت بالصلاة المأمور بها واقعاً ، وأنّ ما أتى به ليس مطابقاً لها ، فإذن بطبيعة الحال تجب الاعادة أو القضاء ، والاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري إنّما يكون عذراً له في تركها ما دام بقاء الجهل والشك ، وأمّا إذا ارتفع وانكشف الحال لم يكن معذوراً في تركها ، فالأحكام الظاهرية في الحقيقة أحكام عذرية فحسب ، وليست أحكاماً حقيقية في قبال الأحكام الواقعية ، والمكلف مأمور بترتيب آثار الواقع عليها ما دام الجهل وإذا ارتفع ارتفع عذره ، وبعده لا يكون معذوراً في ترك الواقع وترتيب آثاره عليه من الأوّل.
وأمّا حديث حكومة تلك القواعد على الأدلة الواقعية كما تقدّم ذكره فلا يجدي ، والسبب في ذلك هو أنّ هذه الحكومة حكومة ظاهرية موقّتة بزمن الجهل بالواقع والشك فيه ، وليست بحكومة واقعية لكي توجب توسعة الواقع أو تضييقه. ونتيجة هذه الحكومة بطبيعة الحال ترتيب آثار الواقع ما لم ينكشف الخلاف ، فإذا انكشف فلا بدّ من العمل على طبق الواقع.
وبكلمة اخرى : أنّ الشرط هو الطهارة أو الحلية الواقعية فحسب بمقتضى الأدلة الواقعية ، وهذه القواعد والاصول إنّما تثبت الطهارة أو الحلية في مواردها عند الشك والجهل بها ، والمكلف مأمور بترتيب آثار الواقع عليها ما دام هذا الشك والجهل ، فإذا ارتفع انكشف أنّ العمل فاقد له من الأوّل ، وعليه فما أتى به غير مأمور به واقعاً. ومن الطبيعي أنّ إجزاء غير المأمور به عن المأمور به يحتاج إلى دليل خاص ، وإلاّ فمقتضى القاعدة عدم إجزائه عنه.
أو فقل : إنّ في صورة مطابقة تلك القواعد للواقع فالشرط الواقعي موجود وصحة العمل مستندة إلى وجدانه ، ولا اثر عندئذ لوجود الطهارة أو الحلية