الثانية ، وذلك لأنّ هذا العلم حيث قد حدث بعد الاتيان بالعمل على طبق الأمارة الاولى كما هو المفروض فلا أثر له بالاضافة إلى هذا الطرف ، وعليه فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن الطرف الآخر ، ومن هنا ذكرنا في محلّه (١) أنّ أحد طرفي العلم الاجمالي أو أطرافه إذا كان فاقداً للأثر فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر ، كما إذا افترضنا أنّ المكلف علم بوجوب الصوم عليه في يوم الخميس مثلاً من ناحية النذر أو نحوه فأتى به في ذلك اليوم ، ثمّ في يوم الجمعة تردّد بين كون الصوم المزبور واجباً عليه في يوم الخميس أو في هذا اليوم ، وحيث لا أثر لأحد طرفي هذا العلم الاجمالي ، وهو كونه واجباً عليه في يوم الخميس ، لفرض أنّه أتى به ، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوبه في هذا اليوم.
وما نحن فيه من هذا القبيل بعينه ، فانّ المكلف إذا أتى بصلاة القصر مثلاً على طبق الأمارة الاولى ، ثمّ انكشف الخلاف في الوقت وعلم بأنّ الواجب في الواقع هو الصلاة تماماً ، فعندئذ وإن حدث للمكلف العلم الاجمالي بوجوب صلاة مرددة بين القصر والتمام ، فانّ الأمارة إن كانت حجيتها من باب السببية فالواجب هو الصلاة قصراً ، وإن كانت من باب الطريقية فالواجب هو الصلاة تماماً ، ولكن حيث لا أثر لهذا العلم الاجمالي بالاضافة إلى أحد طرفيه ـ وهو وجوب الصلاة قصراً ـ فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوب الصلاة تماماً.
نعم ، لو حدث هذا العلم الاجمالي قبل الاتيان بالقصر لكان المقام من موارد قاعدة الاشتغال ووجوب الاحتياط بالجمع بين الصلاتين ، إلاّ أنّ هذا الفرض
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٤٢٣.