عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ مِنَ الْمَشْرِقِ ، وَتَدْرِي كَيْفَ ذَاكَ (١) « (٢) عَلَى الْمَغْرِبِ هكَذَا ـ وَرَفَعَ يَمِينَهُ فَوْقَ يَسَارِهِ ـ فَإِذَا غَابَتْ (٣) هَاهُنَا ، ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ مِنْ هَاهُنَا ». (٤)
__________________
(١) في « ى ، بث ، بح ، بس » وحاشية « بخ » والوسائل والبحار والاستبصار :.
(٢) في « بث » : « فيطلّ ». وفي « بخ » : « يظلّ ». وفي حاشية « بخ » : « مظلّ ».
وفي الوافي : « الإطلال ، بالمهملة ؛ الإشراف ، ومعنى إشراف المشرق على المغرب مقابلته إيّاه مع ارتفاع له عليه ؛ فإنّ المشرق ما ارتفع من الافق ، والمغرب ما انحطّ عنه.
ونقول في توضيح المقام : لاشكّ أنّ معنى غيبوبة الشمس وغروبها ، استتارها وذهابها ، إلاّ أنّ هاهنا موضع اشتباه على الفقهاء وأهل الحديث ، وذلك لإنّ الغروب المعتبر للصلاة والإفطار هل يكفي فيه استتارة عين الشمس عن البصر وذهاب قرصها عن النظر للمتوجّه إلى الافق الغربي بلا حائل ، أم لابدّ فيه مع ذلك من ذهاب آثارها ؛ أعني ذهاب شعاعها الواقع على التلال والجبال الشرقيتين ، بل ذهاب الحمرة التي تبدو من ضوئها في السماء نحو الافق الشرقي وميلها عن وسط السماء ، بل ذهاب الصفرة والبياض اللذين يبقيان بعد ذلك؟ فإنّ هذه كلّها من آثار الشمس وتوابع قرصها ، فلا يتحقّق ذهاب الشمس وغروبها حقيقة إلاّ بذهابها.
فنقول وبالله التوفيق : أمّا ذهاب الشعاع الواقع على التلال والجبال المرئيين فلابدّ منه في تحقّق الغروب ؛ إذ مع وجوده لاغروب للعين في ذينك الموضعين اللذين حكمهما وحكم المكان الذي نحن فيه واحد ؛ إذ هما بمرأى منّا ، وأمّا الصفرة والبياض فلا عبرة بهما وبذهابهما ، وذلك لأنّهما ليسا من آثار الشمس بلا واسطة ، بل هما من آثار الآثار.
بقي الكلام في الحمرة الشرقية السماوية ، والأخبار في اعتبار ذهابها مختلفة ، فمنها ما يدلّ على اعتباره وجعله علامة لغروب القرص في الآفاق ، كهذه الأخبار ، ومنها ما يدلّ على أنّ ذهاب القرص عن النظر كاف في تحقّق الغروب ، كالأخبار التي مضت ، والمستفاد من مجموعها والجمع بينها أنّ اعتباره في وقتي صلاة المغرب والإفطار أحوط وأفضل ، وإن كفى إستتار القرص في تحقّق الوقت ، كما يظهر لمن تأمّل فيها ووفّق للتوفيق بينها وبين الأخبار التي نتلوها عليك في الباب الآتي إن شاء الله ».
(٣) في الاستبصار : + / « من ».
(٤) التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٩ ، ح ٨٣ ، معلّقاً عن الكليني. الاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٥ ، ح ٩٥٩ ، معلّقاً عن أحمد