ولكن العدو الذي يحتاج في معركته ضد الرسول أي سلاح كي يستغله ، كيف يمكن له أن يتعامل مع عدوه حين يراه أخطأ؟! فلقد رموه بالكثير من الأمور التي يبرأ الله منها حين وصموه بأنه شاعر واتهموه بالجنون والكذب وما إلىذلك رغم كذبها ، فما بالك لو وجدوا عليه عثرة ما؟!
وقد أحسن من قال : ومن حسن البيان القرآني انه رغم استعراضه لجميع الاتهامات التي تعرض بها هؤلاء للرسول ، إلاّ إن التهمة الوحيدة التي لم تطرأ على ألسنتهم هي هذه التهمة (١) ، لأنهم يرون أن الواقع سوف يكذّبهم بسرعة متناهية لوضوح العصمة في شخصيته (صلوات الله عليه). (٢)
* * *
ومن جملة أفكار هذا الرجل حديثه المؤلم في تفسير الآية القرآنية : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٣) فقد رأى أثناء نقاشه لتفسير العلامة الطباطبائي قدسسره للآية الكريمة أن العلامة قد أخطأ التفسير حين أوعز تلاعب الشيطان وإلقاءاته في أمنيات المعصوم إلى الجانب الخارجي من أمنيته (٤) فقال : نلاحظ على التفسير أنه حاول أن ينظر إلى مسألة إلقاء الشيطان في الأمنية النبوية من خلال النظرة إلى الواقع الخارجي لحركة الأمنية في ساحة الصراع ، ولم يحاول أن ينظر إليها من الداخل في ما تختزن كلمة : (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) من معنى ادخال الشيء فيها بحيث
____________________
(١) أي تهمة فضل الله للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخطأ أثناء التبليغ.
(٢) دين بلا إسلام ١٥ : ١ ؛ لمسلم غيور ؛ دار الهدى ـ بيروت ١٩٩٩ ط ١.
(٣) الحج : ٥٢.
(٤) هذا التفسير هو تفسير أهل البيت (صلوات الله عليهم).