نعم لا يضرّ البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار على الأقوى إذا صدق معه القدوة (١) وإن كان الأحوط اعتبار عدمه (*) أيضاً.
______________________________________________________
مسلم المتقدّمة : «قبل أن يبلغ القوم» وفي صحيحة عبد الرحمن : «إن مشيت إليه» وفي الموثّقة : «فاذهب إليهم» يعطينا الظهور القويّ في ورود النصوص في من يريد الاقتداء وهو بعيد من القوم ، بحيث يصدق في حقّه أنّه لم يبلغهم لوجود الفاصل بينه وبينهم بمسافة تعدّ بالأمتار ، بحيث يحتاج الوصول إليهم إلى المشي والذهاب دون مجرّد التخطّي والانسحاب من صفّ إلى صفّ ، فانّ المنفرد بالصفّ بالغُهم لا أنّه لم يبلغهم بعد ، خصوصاً على القول باعتبار أن لا يكون الفصل في الجماعة بأكثر ممّا يتخطّى ، فانّ هذه النصوص كالصريحة في إرادة البعد بأكثر من هذا المقدار كما لا يخفى.
وكيف ما كان ، فلا ينبغي الترديد في قصر النظر في هذه النصوص على الاستثناء من أدلّة مانعية التباعد ، فيكون حملها على الاستثناء من كراهة الانفراد بالصفّ بعيداً عن مساقها جدّاً ، وإن نسب القول به إلى المشهور.
ويزيدك وضوحاً قوله عليهالسلام في صحيحة محمد بن مسلم : «ويمشي وهو راكع» ، فإنّ الأمر بالمشي الظاهر في الوجوب إنّما يستقيم على ما استظهرناه ، لوضوح عدم وجوب المشي على المنفرد بالصفّ ، لاتصاله بالقوم فلا يجب ذلك إلّا على البعيد تحقيقاً للاتصال بهم. وحمله على الاستحباب خلاف الظاهر من دون قرينة عليه.
وعلى الجملة : تخصيص الحكم بالبعد المغتفر (١) اختياراً كتعميمه لسائر الموانع من الحائل ونحوه ممّا لا وجه له ، والمتعيّن هو التفصيل الذي ذكره الشيخ (قدس سره) كما عرفت.
(١) بأن يكون العرف حاكماً بوحدة الجماعة غير أنّ بعض أفرادها متأخّر
__________________
(*) هذا الاحتياط ضعيف جدّاً.
(١) [الموجود في الأصل : «غير المغتفر» والصحيح ما أثبتناه].