.................................................................................................
______________________________________________________
ثم فرّع عليهالسلام على ذلك أمرين معتبرين في تحقّق الاتّصال ، بحيث يوجب فقدهما الانفصال وتبعثر الجماعة وسلب الهيئة الاتّصالية التي أشار إلى اعتبارها في الصدر ، أحدهما : عدم البعد بمقدار لا يتخطّى ، فلا تكون المسافة أزيد من الخطوة. وثانيهما : عدم وجود الحائل من ستر أو جدار ، فكلا الحكمين متفرّعان على الصدر ، لا أنّ أحدهما متفرّع على الآخر.
وأشار عليهالسلام بعد ذلك تفريعاً على اعتبار عدم الستر والحائل إلى عدم صحّة الاقتداء خلف من يصلّي في المقاصير التي أحدثها الجبّارون. والمقصورة : قبّة تصنع فوق المحراب ابتدعتها الجبابرة بعد مقتل مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام صيانة عن الاغتيال ، فلأجل أنّها تستوجب الحيلولة بين الإمام والمأمومين منع عليهالسلام عن الاقتداء بمن فيها.
والمتحصّل من جميع ما قدمناه : أنّ الصحيحة متكفّلة ببيان حكمين :
أحدهما : اشتراط عدم البعد ، وسيجيء البحث حول هذا الشرط عند تعرّض الماتن إن شاء الله تعالى (١).
ثانيهما : اشتراط عدم الستار والحائل لا بين الإمام والمأموم ، ولا بين الصفّ المتقدّم والمتأخّر ، ولا بين المأموم ومن هو واسطة الاتّصال بينه وبين الإمام كما في الصفّ الأوّل أو المتأخّر إذا كان أطول ، فالستار مانع في جميع هذه الفروض ، للإطلاق في قوله عليهالسلام على رواية الكليني وهي أضبط : «فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة» فإنّ كلمة «بينهم» تكشف عن عموم الحكم للإمام والمأموم ، وللمأمومين أنفسهم كما لا يخفى.
وقد أشرنا (٢) إلى أنّ الصحيحة على النحو الذي رواها في الوسائل المشعر باختصاص الحكم بما بين الإمام والمأمومين لم توجد في شيء من الكتب الثلاثة فتذكّر ، هذا.
__________________
(١) في ص ١٥٧.
(٢) في ص ١٣٨.